المغرب يُحكم قبضته على الحدود مع سبتة: بين الحزم الأمني وتحديات الهجرة غير النظامية.

الوطن24/ خاص
فرضت السلطات المغربية طوقًا أمنيًا غير مسبوق على مدينتي الفنيدق وبليونش خلال ليلة عيد الفطر، في خطوة استباقية تهدف إلى إحباط محاولات تسلل المهاجرين غير النظاميين نحو سبتة المحتلة. هذه الإجراءات الصارمة تعكس التوجه الجديد للمغرب في إدارة ملف الهجرة، من خلال الجمع بين الحزم الأمني والتكنولوجيا المتطورة، لكن هل يمكن لهذه الاستراتيجية أن تقدم حلولًا مستدامة لهذه الظاهرة المتجددة؟
المغرب يعتمد تكتيكات أمنية متطورة لكبح التسلل
اعتمدت السلطات المغربية أساليب متطورة في عملياتها الأمنية هذه السنة، إذ تم نشر وحدات إضافية على طول الساحل، وتعزيز نقاط التفتيش، إلى جانب استخدام تقنيات متقدمة مثل الطائرات المسيّرة والكاميرات الحرارية. هذه الإجراءات جعلت من الصعب على المهاجرين اجتياز الحدود، حتى عبر المسالك الوعرة، وهو ما أكده العديد من الشهود الذين أفادوا بأن محاولات التسلل الجماعية باءت بالفشل أمام الجدار الأمني الذي فرضته السلطات المغربية.
مصدر أمني أكد أن هذه المقاربة الأمنية الصارمة كانت ضرورية بعد تزايد المحاولات في السنوات الأخيرة، خاصة خلال فترات الأعياد والمناسبات الدينية، حيث يحاول المهاجرون استغلال انشغال الأجهزة الأمنية المغربية للعبور نحو الضفة الأخرى.
الهجرة غير النظامية في المغرب: معضلة تتجاوز الحلول الأمنية
على الرغم من أن التدابير الأمنية أسهمت في تقليص عمليات التسلل، إلا أن السؤال المطروح هو: هل الحواجز الأمنية وحدها كافية لمعالجة جذور الظاهرة؟
الهجرة غير النظامية نحو سبتة ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل هي انعكاس لعوامل اقتصادية واجتماعية معقدة داخل المغرب وخارجه. فالمهاجرون، سواء القادمون من دول جنوب الصحراء أو حتى بعض الشباب المغاربة، يرون في العبور نحو أوروبا فرصة لحياة أفضل. وبالتالي، فإن تشديد الرقابة قد يحد من المحاولات لكنه لا يعالج الأسباب العميقة التي تدفع هؤلاء إلى ركوب المخاطر.

بين المقاربة الأمنية المغربية واحترام حقوق الإنسان
تبنّي المغرب لمقاربة أمنية صارمة لا يعني التخلي عن البعد الإنساني، إذ تحرص السلطات المغربية على التعامل مع المهاجرين وفق معايير تحترم حقوق الإنسان. المغرب، الذي يعد شريكًا استراتيجيًا للاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة، يحاول تحقيق توازن بين الحد من تدفقات المهاجرين غير النظاميين وحماية حقوقهم الأساسية، وهو ما يجعله في موقع حساس بين متطلبات أمن الحدود والتزاماته الإنسانية.
إلى أين تتجه سياسات المغرب في ملف الهجرة؟
يبدو أن المغرب عازم على مواصلة سياسته الأمنية في التصدي للهجرة غير النظامية، مدفوعًا بضغوط داخلية وخارجية، خاصة من الاتحاد الأوروبي. لكن هذه السياسة ستظل غير مكتملة ما لم تترافق مع حلول اقتصادية واجتماعية توفر بدائل حقيقية للشباب العاطل عن العمل وللمهاجرين القادمين من دول الجنوب.
في نهاية المطاف، يبقى السؤال الأهم: إلى متى يمكن أن تستمر هذه المواجهة بين الأمن والهجرة في المغرب دون حلول جذرية تُخفف من دوافعها؟