المغـرب: إغلاق المحلات التجارية في المدينة العتيقة بطنجة: هل السياحة في مهب الريح؟
الوطن 24/ طنجة
تعد مدينة طنجة واحدة من أهم الوجهات السياحية في المغرب، حيث تتلاقى فيها الثقافات والحضارات عند ملتقى البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وبين أوروبا وإفريقيا. المدينة العتيقة بطنجة، بأسواقها التقليدية وأزقتها الضيقة التي تعود إلى قرون مضت، تشكل القلب النابض للمدينة، وتعتبر واحدة من أبرز عوامل الجذب السياحي. إلا أن التغيرات الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بإغلاق المحلات التجارية في ساعات الصباح، أثارت قلق الكثيرين حول مستقبل السياحة في المدينة.
طنجة بين الماضي والحاضر: تحولات المدينة العتيقة
لطالما كانت المدينة العتيقة بطنجة وجهة مفضلة للسياح الراغبين في تجربة أصيلة تعيدهم إلى أزمنة بعيدة. الأسواق التقليدية التي تعرض المصنوعات اليدوية والمقاهي الصغيرة التي تقدم الشاي المغربي بنكهة النعناع، كانت دائمًا محطات رئيسية في جولات السياح. ومع ذلك، فإن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها طنجة في السنوات الأخيرة بدأت تلقي بظلالها على هذا الجزء الحيوي من المدينة.
وفقًا للتقارير المحلية، لاحظ السكان والزوار أن العديد من المحلات التجارية في المدينة العتيقة أصبحت تفتح أبوابها في وقت متأخر من اليوم، غالبًا بعد الساعة 11 صباحًا. هذا التغيير في أوقات العمل قد يبدو للبعض بسيطًا، لكنه يعكس تحديات أعمق قد تؤثر على قطاع السياحة بشكل كبير.
أسباب الإغلاق الصباحي: بين الاقتصاد والعادات
الأسباب التي تدفع التجار إلى تأخير فتح محلاتهم متعددة ومعقدة. من بينها التغيرات في أنماط الحياة، حيث يميل البعض إلى بدء يومهم في وقت متأخر، خاصة مع تبني بعض العادات المستوردة من الغرب. إلى جانب ذلك، تواجه العديد من المحلات تحديات اقتصادية تدفع أصحابها لتقليل ساعات العمل بغية تقليل تكاليف التشغيل، خاصة في ظل تراجع القوة الشرائية لدى السكان المحليين والزوار.
كما أن تأثير جائحة كوفيد-19 لا يمكن إغفاله، حيث فرضت الجائحة قيودًا على الحركة والسفر، مما أدى إلى انخفاض حاد في عدد السياح. هذا التراجع في النشاط السياحي جعل الكثير من التجار يعيدون تقييم جدوى فتح محلاتهم في ساعات الصباح الباكر.
السياحة في مهب الريح؟
إن إغلاق المحلات التجارية في ساعات الصباح قد يكون له تأثير مباشر على قطاع السياحة في المدينة. السائح الذي يزور طنجة ويتجول في أزقة المدينة العتيقة في الصباح الباكر، وهو وقت مثالي للاستمتاع بجمال المكان وهدوءه، قد يجد نفسه أمام أبواب مغلقة. هذا الأمر قد يترك انطباعًا سلبيًا لدى الزوار ويؤثر على تجربتهم السياحية، مما قد ينعكس سلبًا على سمعة المدينة كوجهة سياحية.
السياحة في طنجة تعتمد بشكل كبير على توافر الأنشطة والخدمات التي تلبي احتياجات الزوار. وإذا استمر هذا الوضع، فقد يشكل ذلك تحديًا حقيقيًا لقدرة المدينة على جذب السياح والحفاظ على مكانتها كوجهة سياحية مميزة.
حلول مقترحة: كيف يمكن لطنجة أن تستعيد بريقها؟
للتغلب على هذا التحدي، ينبغي على السلطات المحلية والجهات المعنية بالتجارة والسياحة العمل معًا لإيجاد حلول تعزز من نشاط المدينة العتيقة وتجعلها أكثر جاذبية للسياح. من بين الحلول المقترحة:
- تحفيز التجار: يمكن للسلطات المحلية تقديم حوافز للتجار الذين يلتزمون بفتح محلاتهم في ساعات مبكرة من الصباح، مثل تخفيضات ضريبية أو دعم مالي للمحلات الصغيرة.
- تنظيم فعاليات صباحية: يمكن تنظيم فعاليات ثقافية وفنية في الصباح لجذب الزوار وتحفيز النشاط التجاري. مثل تنظيم جولات سياحية صباحية أو عروض فنية في الساحات العامة.
- الترويج للسياحة المحلية: تشجيع السياحة المحلية من خلال حملات إعلانية تستهدف المغاربة من مختلف المدن لزيارة طنجة واكتشاف ما تقدمه المدينة العتيقة في الصباح.
- تعزيز الأمن والنظافة: تحسين مستوى الأمن والنظافة في المدينة العتيقة يمكن أن يعزز من جاذبيتها ويساهم في جذب المزيد من الزوار في أي وقت من اليوم.
تظل طنجة مدينة ذات تاريخ عريق وجمال لا يُضاهى، ولكن الحفاظ على جاذبيتها السياحية يتطلب جهودًا مستمرة من جميع الأطراف. إغلاق المحلات التجارية في ساعات الصباح في المدينة العتيقة يمثل تحديًا قد يهدد قطاع السياحة، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام فرص جديدة لإعادة التفكير في كيفية تقديم تجربة سياحية أفضل وأكثر جاذبية. تعزيز النشاط التجاري الصباحي، وتقديم تجربة فريدة للزوار، قد يكون المفتاح لجعل طنجة وجهة سياحية مزدهرة مرة أخرى.