المغـرب: شبهات في تدبير صفقات المجلس الإقليمي بالقنيطرة ومطالب بفتح تحقيق شامل.

يتزايد الجدل في المغرب، وبالضبط في إقليم القنيطرة، حول طريقة تدبير المجلس الإقليمي لعدد من الصفقات المرتبطة بالمخطط الاستراتيجي للتنمية، بعد توالي الاتهامات بوجود اختلالات مالية وإدارية في بعض المشاريع التي يشرف عليها المجلس، ما يثير تساؤلات حول نزاهة وشفافية التدبير المحلي.

وحسب مصادر محلية متطابقة، فإن قسم الصفقات بالمجلس الإقليمي للقنيطرة يوجد في قلب هذه الاتهامات، بعدما تم تسجيل غموض في كيفية صرف بعض الاعتمادات المالية وتحديد المقاولات المستفيدة، إلى جانب التأخر في إنجاز بعض المشاريع رغم صرف مبالغها بالكامل، وهو ما اعتبره متتبعون مؤشراً على سوء التدبير وضعف المراقبة الداخلية.

كما أثار مراقبون للشأن المحلي مسألة غياب نشر مبالغ الصفقات في اللوحات الإشهارية الخاصة بالأوراش الجارية، في خرق واضح لمبدأ الشفافية المنصوص عليه في قانون الصفقات العمومية، معتبرين أن هذا الغياب يطرح أكثر من علامة استفهام حول أسباب إخفاء معطيات تُعد حقاً للمواطنين في الولوج إلى المعلومة.

وفي هذا السياق، تنص المقتضيات القانونية المنظمة للصفقات العمومية على ما يلي:

غير أن عدداً من المشاريع التابعة للمجلس الإقليمي بالقنيطرة لا تتضمن هذه اللوحات أصلاً، أو تفتقد للبيانات القانونية الواجبة، وهو ما يشكل خرقاً صريحاً للقانون ودفاتر التحملات، ويؤكد حسب المراقبين أن الإخفاء لم يكن صدفة بل ممارسة ممنهجة تهدف إلى حجب المعلومات عن الرأي العام.

لكن الخطير في الأمر، حسب متتبعين، أن عدم إشهار اللوحات بالمطلق تم بسبق الإصرار والترصد، في إخفاء كلي لحقيقة المشاريع الجارية، وهو ما أصبح سلوكاً غالباً في عدد من الجماعات الترابية بإقليم القنيطرة. هذا الوضع لا يعكس فقط مخالفة صريحة للقانون ودفاتر التحملات، بل يمثل ضرباً لمبادئ الشفافية والمساءلة المنصوص عليها في القوانين المنظمة للصفقات العمومية.

وتبقى الأسئلة المقلقة التي يطرحها الرأي العام المحلي قائمة:
لماذا يتم التلاعب بالقوانين؟

ولماذا الصمت عن هذه الخروقات الواضحة؟
وماذا يعني غياب المحاسبة وفق القانون المنظم؟
ولماذا تتواطأ الجهات المسؤولة مع هذا الخرق الفاضح؟

وتحدثت نفس المصادر عن علاقات مشبوهة بين بعض المسؤولين المحليين ومقاولين نافذين، الأمر الذي جعل عدداً من الفاعلين الجمعويين يدقون ناقوس الخطر، مطالبين وزارة الداخلية المغربية بفتح افتحاص شامل للمشاريع المنجزة في إطار المخطط الاستراتيجي للتنمية، وتحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من ثبت تورطه.

من جهة أخرى، وجّه منتخبون سابقون وجمعويون انتقادات حادة إلى رئيس المجلس الإقليمي وفريقه التقني، متهمين إياهم بضعف الشفافية في الإعلان عن الصفقات العمومية، وبالامتناع عن نشر المعطيات الكاملة الخاصة بالمشاريع الممولة من المال العام، ما اعتبروه “إخفاءً ممنهجاً” للمعلومة العمومية.

كما حملت أصوات مدنية جزءاً من المسؤولية إلى بعض رجال السلطة بالإقليم، معتبرة أن تقصيرهم في مراقبة وتتبع سير الأشغال ساهم في تفاقم الوضع، وجعل مشاريع الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، تعرف تعثراً غير مبرر في التنفيذ.

ويرى مراقبون أن المرحلة تتطلب تفعيل دور المفتشية العامة للإدارة الترابية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، خصوصاً بعد أن تزايد الحديث في أوساط الساكنة عن “صفقات غامضة” و“اختفاء مبالغ مالية”، وهي معطيات إن صحت، فإنها تمسّ بمصداقية المؤسسات المنتخبة وثقة المواطنين في الدولة.

ووفق معطيات يتم تداولها في الكواليس، فإن وزارة الداخلية المغربية تتابع الملف عن قرب، وقد تباشر خلال الأسابيع المقبلة عملية تدقيق شاملة في الصفقات المنجزة بإقليم القنيطرة، خاصة تلك التي تهم قطاعات الطرق والتجهيز والتنمية القروية، في خطوة يُنتظر أن تكشف المستور وتعيد الثقة في مؤسسات الدولة.

وتجدر الإشارة إلى أن الصورة المركبة من إعداد موقع “الوطن24” تُظهر وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت وعامل إقليم القنيطرة عبد الحميد المزيد، في دلالة رمزية على المسؤولية الملقاة على عاتق السلطات الوصية في تتبع وتدقيق مشاريع التنمية بالإقليم، خاصة تلك التي تثار حولها شبهات في التدبير والصفقات العمومية.
الصورة، بحسب متتبعين، تعكس انتظارات الساكنة المحلية من وزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات اللازمة وفتح تحقيق شامل يعيد الثقة في شفافية المؤسسات المنتخبة وفعالية المراقبة الإدارية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *