المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بأكادير آفاق في الأمام و ريوع خلفية ..!

الوطن 24/ بقلم : مصطفى بن يحي**

من أهم ما جاء في التوجهات الملكية لجلالة الملك نصره الله من خلال عدّة خطابات أنّ : “التطبيق الفعلي للجهوية مبنية على اقتصاد جهوي و استهداف المستهدفين الجهوين ..في العمل على النهوض بالجهات اقتصاديا و اجتماعيا ” ، فالمتأمل في كل الخطابات الملكية يجب الاستناد النظري و التطبيقي لهياكل الجهة و دورها العملياتي في التنمية ، و هو ما جاء مؤكدا في كلمة جلالته في ” المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بأكادير ” حيث يأتي في اطار رؤية متطورة جديد للسلطة و الادارة كما تضمنه دستور البلاد في الحفاظ على المؤسسات و عدم تضارب المهام لتكون التنمية هي البوابة الاساسية و تصور نابع من المعنيين ببرامج تراعي خصوصيات الجهة ، و في ذات اللحظة تضمن التكامل و الانسجام بين الوحدات الترابية مع باقي الجهات ، و هذا التطلع يمنح مجال و آفاق منفتحة و متعددة و هذا ما أكدته دولة “البارغواي” اليوم في دعم مشروع الحكم الذاتي الذي يتضمن فلسفة ” الجهوية المتقدمة ” .  

 لكن من غرائب الأمور أن الجهات المنظمة ل”لمناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بأكادير”  راعت مصالحها المركزية و المسالك التي تنتهجها مخالفة بذالك فلسفة المناظرة و التوجهات الملكية السامية في اشراك الجهات في التنمية ، فلقد كان من الأجدى إشراك و إحداث لجنة تشرف عليها جهة “سوس ماسة ” لمواكبة اللوجستيك من :  الامن و الحاجيات الهائلة للإعداد لهذه المناظرة لتكون موازية بالعمل التوجهي لجلالة الملك خاصة لهذه الجهة ، بل تمت برمجة هذا اللقاء الكبير بمقاييس لا يمكن القول عنها سوى أنها ريعية باستمرار على المنهج القديم وفق عمليات الاعداد مضبوطة مركزيا على مستوى ” الرباط ” و اقصاء كل الفاعلين ، فحتى الشوكة و الخيام و الصحون و الشركة الامنية الخاصة بالحماية و التغذية و غيرها الكثير مستقدم من دائرة ” الرباط_الدارالبيضاء ” في اقصاء تام  منهجي مشبوه ، مما يظهر بشكل فعلي أن كل المبادرات الملكية الانسانية في رقي شموليتها تتبدد بفعل هذا الواقع الريعي المظلم ، لكن ما يخيف هي الاشارات التي ترسلها هذه الجهات النافذة مركزيا و ادواتها الاقتصادية الريعية الفاسدة : أن الجهات و الفاعل الوطني غير مؤهل و بأن الكفاءة الوحيدة ! المتواجدة هي في الدائرة أعلاه ” المركز  ” تحت عنوان عريض : تقسيم الفساد و الريع بشكل عادل .

ولعل تنظيم مثل هذه المناظرات الوطنية الكبرى و اقصاء الجهة الترابية المنظمة و كل فاعليها الاقتصاديين و الاعلاميين و المثقفين … يزيد الطين بلة خاصة نجد أن المركز و الجهات المنظمة و اللوبي المهيمن على صفقات التنظيم و التجهيز و الاعداد تلغي الاقطاب الروحية الترابية المنظمة ، متجاهلة بذالك ” لا مركزية ” في كل المناحي و الاحتياجات بحيث تضفي الشرعية على فسادها و ريعيها ، فتضرب بذلك  كل جوهر أو مشروع وطني هادف وقد تعزز هذا التوجه في حذف كل الممونين والمنظمين و الشركات بجهة “سوس ماسة” عبر الإستعانة بالمنظومة التي تشتغل معها بجميع تراب المملكة، أليس هذا هو الغبن والسخط ورفع الاحتقان وإستعمال شعارات فضفاضة في التكافؤ؟ ألا يعد هذا تقويض لكل توجه ملكي سامي والتهافت على كل مشروع نبيل من طرف الريوع في المؤسسات الرسمية و أذيالها  ؟ 

آه يا وطني … هنا يمكن القول أن كل مؤسسات الدولة باستثناء المؤسسة الملكية التي تسعى بكل جهدها لمواكبة التغيرات العالمية و الوطنية سواء في التنمية و التقدم ، فإن هذه السفينة تشرف عليها مؤسسات يجب معاودة انضاجها في حقل سياسي فوضوي و لوبي ريعي متداخل ، لا نجد فيها للجهوية المتقدمة في وصفها “تنمية ” سوى هذه الاشكال الإعلامىة و تقاريرها المتضخمة المحتشمة .

خلاصة القول إن تصور “ثالجهوية المتقدمة ” تحتاج الى تصور حقيقي في برمجته و ليس اثقال كاهل خزينة الدولة بملتقيات تستفيد منها اقلية ريعية فاسدة مرتبطة بها ، بعبارة أخرى أن التنسيق مع الجهات و الفاعلين في الجهات هي ضرورة للتنمية و مبرر حقيقي للتطبيق العادل للمشروع الوطني الكبير بدل هذه الأدوار السلبية، فلإضفاء النجاعة و الفعالية هي في معالجة الامور التقنية من صفقات و اشراك الجهات المعنية و تفاعل المركز مع الفاعلين بدل حاضنتها الريعية ، ثم  تكريس الصدق للنهوض بالجهات و الوطن و القطع مع الاطماع الانفصالية التي تزكها بعض الاطراف الخارجية و تحقيق تطلع التنمية التي ينتظرها المواطنين في المشروع الكبير الوطني بكل حكمة و تبصر.
لكن ، كل الآمال معقودة على الاشارات و التوجيهات السامية لصاحب الجلالة محمد لالسادس نصره الله ، و حمى الله المغرب . 


** رئس جهة “سوس ماسة ” والنائب الأول للجمعية الوطنية لمهنيي قطاع تموين و تنظيم الحفلات و التظاهرات