بين جرجرة الصحفيين وحماية اللصوص: هل تتآمر الحكومة ضد العدالة في المغـرب ؟

الوطن 24/ بقلم: محمد الغلوسي
لاحظوا كيف أن وزير العدل لا يتردد في جرجرة الصحفيين أمام المحاكم، ومن بينهم الصحفي حميد المهداوي، الذي قرر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط متابعته بفصول القانون الجنائي بدلًا من قانون الصحافة. هذا الأمر لا يعني وزير العدل ولا الحكومة لأنهم مجرد صحفيين ومواطنين عاديين؛ لا مانع من محاكمتهم أمام القضاء بكل فصول القانون الجنائي وتقديم الشكايات ضدهم من أي شخص كيفما كان، وقد تصدر ضدهم أحكام بعقوبات حبسية سالبة للحرية!
وعلى خلاف ذلك، فإن وزير العدل أرغد وأزبد وأقسم أن لا تتم جرجرة لصوص المال العام والمفسدين أمام المحاكم لأنهم في مرتبة أعلى منا جميعًا، هم “أسياد”. وقد نستفيق يومًا ما ولن يجد الناس من يترشح للدفاع عن مصالحهم، ونحن مجرد رعاع في نظرهم لا يمكن أن نتساوى معهم في الحقوق وأمام أحكام القانون.
هي نخبة حزبية تواطأت وأقبرت تجريم الإثراء غير المشروع، نمت وتنمو بالريع والفساد والرشوة وتبييض الأموال باستغلال مواقع المسؤولية لمراكمة الثروة وتعميق الفساد في الحياة العامة. اتفقوا جميعًا بقيادة حكومة الأوليغارشية المالية بتنظيم امتياز يشبه الريع المألوف في السياسة لمنع المجتمع المدني الجاد من التبليغ عن جرائم الفساد ونهب المال العام، وسد كل المنافذ أمام المجتمع ومنظماته المدنية لمنعها من أداء أدوارها في المساهمة في ورش تخليق الحياة العامة.
نعم، لوبي الفساد سيستغل البرلمان لتنظيم امتياز قانوني وقضائي ريعي لتحصين اللصوص الكبار من المحاسبة. يفعلون ذلك رغم أنه يناقض توجهات وسياسة الدولة المعلن عنها رسميًا في أكثر من مناسبة. إنهم يريدون تأسيس دولة وسط دولة.
يجهرون دون حياء بأنهم سينظمون التمييز بين المواطنين أمام القانون والعدالة، لأن المال العام كما صرح وزير العدل لا يعود لأحد. إنها كما قال ليست أموالنا حتى يحق لنا التشكي، إنها أموال وزارة الداخلية والتي يبقى لها وحدها الحق في السؤال عن مصير ومآل المال العام!
إنهم باختصار يعتبروننا غير جديرين بالاحترام، وأنهم يسدون لنا خيرًا في هذا البلد ولا نريد أن نحمد الله على ما ينعمون به علينا.
ليبقى السؤال: هل ستترك الدولة ومؤسساتها حكومة هجينة تناقض توجهات وسياسات الدولة المعلنة رسميًا تجاه محاربة الفساد، تشرع امتيازًا لفائدة حفنة من اللصوص وتهدد كل المكتسبات الحقوقية والدستورية، وتقوض التزامات المغرب الدولية وتظهر بلدنا أمام العالم كبلد يريد جمعيات مدنية فلكلورية دون حياة؟
*رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام