جمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب تُشعل النار: هل أصبح الإعلام رهينة بيد “جمعية حديثة”؟

في خطوة غير مسبوقة، أعلنت التنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب تصعيد مواجهتها مع الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، متهمة إياها بمحاولة فرض سيطرة غير قانونية على الجسم الصحفي الرياضي. هذه الأزمة التي تفجرت بسبب ما وصفته التنسيقية بـ”الاستفزازات الممنهجة”، تكشف عن خلل عميق في تدبير الشأن الإعلامي بالمغرب، وسط صمت مريب من الجهات الحكومية والرياضية المعنية.

منذ تأسيسها قبل أربع سنوات، تحوّلت الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين إلى “لاعب رئيسي” في المشهد الإعلامي بالمغرب، ولكن ليس من باب دعم الإعلام أو تطويره، بل من خلال فرض وصاية واضحة على الصحفيين الرياضيين، كما جاء في بـلاغ التنسيقية. ويطرح هذا الواقع تساؤلات خطيرة حول شرعية منح جمعية حديثة العهد صلاحيات حصرية لتنظيم ولوج الصحفيين إلى الملاعب الوطنية، متجاوزة بذلك القوانين المعمول بها والتي تضمن حرية الصحافة واستقلاليتها.

التنسيقية لم تكتفِ بالتنديد، بل وجهت سهام النقد مباشرة إلى وزارتي الرياضة والتواصل، متهمة إياهما بالصمت المريب أمام ما وصفته بـ”الانتهاك الصارخ” لحقوق الصحفيين. كما طالبت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بتحمل مسؤوليتها أمام ما اعتبرته “تواطؤاً مفضوحاً” مع الجمعية المذكورة عبر رئيس العصبة الوطنية الاحترافية لكرة القدم.

والأكثر إثارة، أن التنسيقية اتهمت وزارة الداخلية بـ”الإخلال بواجبها” في حماية الصحفيين المهنيين، مشيرة إلى أن منع الصحفيين من دخول الملاعب لا يمكن أن يتم إلا وفق قرارات قضائية، وهو ما تجاهلته الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين التي تصدّرت مشهد التحكم بمرافق عامة.

المغرب، الذي يستعد لاستضافة استحقاقات رياضية قارية وعالمية كبرى، قد يجد نفسه في مواجهة أزمة خطيرة تمس مصداقية الإعلام الرياضي. فكيف يمكن لبلد يسعى لترسيخ مكانته في المشهد الرياضي العالمي أن يسمح بتهميش الصحفيين وإقصائهم من الملاعب؟

التنسيقية حذّرت من أن استمرار هذا الوضع سيخلق أزمة غير مسبوقة، ستضر بسمعة المملكة كدولة تحترم الحريات الإعلامية. فإقصاء الصحفيين المهنيين لا يضرب فقط في صميم حرية الصحافة، بل يثير شكوكا حول جدية المغرب في الالتزام بالممارسات الديمقراطية.

المشهد الإعلامي الرياضي يعيش لحظة فارقة، فإما أن تتحمل الدولة مسؤوليتها بإعادة الأمور إلى نصابها، أو تستمر في الصمت الذي قد يُفسر كضوء أخضر للهيمنة والتحكم.

الكرة الآن في ملعب المسؤولين، فهل سيتحركون لإنقاذ ما تبقى من مصداقية، أم أن الصحفيين الرياضيين سيضطرون لخوض معركة أشدّ قسوة، قد تصل إلى أبواب القضاء الدولي، لضمان حقوقهم الأساسية؟

ما يجري اليوم ليس مجرد أزمة بين جمعيات مهنية، بل اختبار حقيقي لمدى احترام الدولة المغربية لسلطة “صاحبة الجلالة”.