حذف “تعاليم الدين الإسلامي” من المسطرة الجنائية في المغرب.. خطوة نحو العلمنة أم اجتهاد قانوني؟

الوطن24/ خاص
أثار قرار وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، حذف عبارة “تعاليم الدين الإسلامي” من ديباجة مشروع تعديل المسطرة الجنائية، جدلًا واسعًا في المغرب، حيث اعتبره البعض مساسًا بثوابت الأمة وضربًا لهويتها الدستورية، فيما رأى آخرون أنه مجرد تعديل تقني يهدف إلى تحديث النصوص القانونية.
الهوية الدستورية للمغرب في مواجهة التعديلات القانونية
ينص دستور المغرب صراحة في فصله الأول على أن “المملكة المغربية دولة إسلامية”، كما يؤكد في تصديره أن تشريعاتها تستند إلى تعاليم الدين الإسلامي إلى جانب المرجعيات الكونية. وبالتالي، فإن أي تعديل قانوني يمس هذه المبادئ يثير تساؤلات حول مدى توافقه مع الإطار الدستوري للمغرب.
وهبي، الذي اعتبر التعديل خطوة نحو “تحقيق الحياد القانوني”، يواجه انتقادات حادة من أطراف سياسية وقانونية ترى أن حذف هذه العبارة ليس مجرد تعديل شكلي، بل هو توجه واضح نحو علمنة القانون الجنائي في المغرب، وهو ما قد يمهد لإدخال تغييرات أعمق قد تمس مستقبلاً نصوصًا ذات طابع ديني صريح.
تساؤلات حول الأبعاد الخفية للقرار في المغرب
إذا كان الهدف من التعديل هو احترام التعددية، فهل يعني ذلك إقصاء المرجعية الإسلامية التي شكلت الأساس القانوني والتشريعي للمغرب لعقود؟ وهل يمكن اعتبار حذف هذه العبارة خطوة تمهيدية لإعادة النظر في أحكام أخرى مستمدة من الشريعة الإسلامية، كقوانين الإرث والتجريم المرتبط بالمقدسات الدينية في المغرب؟
يرى المعارضون أن القوانين المستمدة من الإسلام لم تكن يومًا عائقًا أمام العدالة أو الحداثة، بل شكلت أساسًا لمجتمع متوازن يحترم خصوصية المغرب، فيما يرى مؤيدو التعديل أن المملكة تحتاج إلى قانون جنائي محايد يراعي التطورات الحقوقية والقانونية العالمية.
بين المخاوف والتطمينات في المغرب
في ظل هذا الجدل، يظل موقف الحكومة المغربية غامضًا، إذ لم يصدر أي توضيح رسمي حول ما إذا كان حذف العبارة مقدمة لتغييرات أعمق في بنية القانون الجنائي بالمغرب. فهل سيمضي وهبي في هذا التوجه، أم أن الضغوط السياسية والدستورية ستعيد الأمور إلى نصابها؟
يبقى السؤال المطروح: هل يمكن تحديث القوانين في المغرب دون المساس بثوابت الأمة؟ أم أن حذف المرجعية الدينية من النصوص القانونية هو الخطوة الأولى نحو تغيير شامل في الهوية التشريعية للمغرب؟