خروج للمجهول

الوطن 24/ د. عبد الرحيم بوعيدة

تفاعلا من رفع حالة الطوارئ من عدمه بوعبيد يسأل هل فعلا دخلنا حتي ننتظر ساعة الخروج في تدوينة مطولة عبار عن مقال أكد بوعبيدة بأن الأمر صعب جدا لن نفهم أكثر من المسؤولين عن قطاع الصحة في إمكانية خروجنا من عدمه من هذا الحجر الصحي المفروض، لكننا أيضا لا نحتاج إلى ذكاء كثير لقراءة كل المؤشرات الماثلة أمامنا والتي تؤكد أن البدايات ليست دائما مهمة، ماهو أهم هو القدرة على الإستمرار بنفس “النفس” و”الريتم”، ويبدو الآن أن النفس إنقطع و”الريتم” أصيب بعطب تقني..

مامعنى أن تقام جنازة جماعية في عز الحجر الصحي وأن يمارس شبان طقس حمام بلدي في مكان عام !! تحت أي مسمى يمكن أن ندرج هذه التصرفات ؟!
ما معنى أن يخرج الناس في الأسواق والشوارع بكل حرية وكأن المغرب مستثنى من هذا الوباء ؟؟
يقول الفرنسيون “le virus ne se déplace pas”، نحن من يبحث عنه مع سبق اصرار وترصد لنعانقه وكأنه جزء من عائلتنا.. وإلا ما معنى أن نظل أوفياء للحجر لانبارح بيوتنا في حين جزء من شعبنا يمرح في الشوارع غير مكترث بعواقب ما يقوم به، إنه ببساطة يطيل أمد حجرنا نحن هؤلاء الذين احترمنا حياتنا وحياة الآخرين..
كيف سنخرج يوم 20 ماي وهل دخلنا أصلا لنخرج مجددا دون خوف ولا هلع !! أظن هناك مسؤوليات مشتركة، جزء كبير منها يتحمله المواطن نفسه لأن من الصعب أن نطلب من الدولة مراقبة كل حالة على حدة..
إنها نتائج لمقدمات خاطئة.. الدولة نفسها التي بنت جزء من سياساتها على الإستثمار في الجهل تحصد الآن مواطنا غير صالح..
من يسأل عن حالة التراخي من طرف السلطة عليه أن يقرأ العلاقة نفسها بين المواطن وهذه السلطة منذ أمد بعيد ما هي تمثلاتها وكيف تمر وعلى ماذا تنبني حتى نفهم لماذا أصيب الجميع بحالة من العياء التام..

كل ما حدث مع ظهور الوباء من إيجابيات وحماس وتضامن هو نتاج أزمة وليس حصيلة ثقافة وسلوك مؤسس يجعل من اعمال الحالات الاستثنائية مجرد استمرار لسياسة دولة ومجتمع، لاشيء يبدو غريبا ولا مستغربا حتى يتحول إلى حالة إستثناء نتغنى به وكأنه إنجاز تاريخي..
.. حين لايفهم رجل الأمن والسلطة العلاقة بين الحرية والأمن وحدودها الفاصلة يرتكب أخطاء قاتلة وحين أيضا لايستوعب المواطن هذه العلاقة ولا يدرك أين تقف حريته فإنه يساهم في فوضى غير خلاقة، وحين يساهم الإعلام الإلكتروني في تسميم هذه العلاقة فتلك هي النهاية..

متى نخرج ؟ ليس هو السؤال اللغز، لكن كيف نخرج هو ما يجب أن يؤرقنا لأننا سنخرج جميعا ونتسوق جميعا ونقوم بالشيء نفسه في الآن ذاته.. هي ثقافة وسلوك متجذران فينا، فهل سيفهمنا الفيروس ويتسامح مع عبثنا المشترك !!!
أمامنا الآن صور واضحة لخروج غير واضح، وعلينا أن نختار بين حدين فاصلين بين حياة أو موت محقق..
للعيد في ذاكرتنا الجماعية طقوس خاصة، لكنه في النهاية سيمر ومن الأفضل أن نردد مع الشاعر الكبير المتنبي “عيد بأي حال عدت يا عيد… بما مضى أم بأمر فيك تجديد”..
الجديد حتما هذا العيد هو هذا الوباء المتحكم في حياتنا، ولكي يرحل علينا أن لانمنحه فرصة التناسل فينا، فهو في النهاية لايبحث عن الناس في بيوتهم..