دوار أولاد امبارك بجماعة المنزه: معاناة مستمرة وسط تقاعس السلطات عن حل أزمة الهدم التعسفي
الوطن24/نعيم بوسلهام
لاتزال ساكنة دوار ولاد امبارك بجماعة المنزه، تعاني من تماطل السلطات المحلية في إيجاد حل لمشكلتهم المستمرة منذ أكثر من سنة، بعدما تعرضت منازلهم للهدم التعسفي. الهدم، الذي جرى في إطار قوانين التعمير وتنظيم الملكية العقارية، خلف مئات الأسر في حالة من التشتت والحرمان من حقهم الأساسي في السكن. هذا المقال يسعى إلى تقديم تحليل لهذه الأزمة، استنادًا إلى أبعاد قانونية، اجتماعية، وسياسية.
الهدم التعسفي: قانون أم انتهاك للحقوق؟ من الناحية القانونية، تبرر السلطات عمليات الهدم عادة بوجود مخالفات في البناء، أو إقامة منازل على أراضٍ لا تخضع للتقسيم القانوني. في حالة دوار ولاد امبارك، يبدو أن الهدم تم دون تقديم حلول بديلة أو تعويض مناسب للسكان، ما يعتبر خرقًا لحقوق الإنسان الأساسية، وخاصة الحق في السكن. حسب القوانين الدولية، يتعين على السلطات توفير بدائل مناسبة قبل الشروع في عمليات الهدم، لضمان عدم التشريد القسري للأسر.
تماطل السلطات: سوء إدارة أم تجاهل متعمد؟ استمرارية الأزمة لأكثر من سنة تثير العديد من التساؤلات حول أسباب تماطل السلطات في حل هذا الملف. يمكن النظر إلى هذا التماطل من عدة زوايا:
البيروقراطية وسوء الإدارة: قد يكون جزء من التماطل مرتبطًا ببطء الإجراءات الإدارية والبيروقراطية، حيث تمر القرارات من عدة مستويات من الإدارة المحلية والجهوية، مما يؤدي إلى تأخير الحلول.
الأولويات الحكومية: قد تكون السلطات المحلية تركز على ملفات أخرى تعتبرها أكثر أهمية، بينما يتم تجاهل القضايا المتعلقة بحقوق السكن للأفراد والجماعات الهشة. عدم إدراج مثل هذه القضايا ضمن الأولويات السياسية يشير إلى تجاهل متعمد لاحتياجات الفئات الأكثر ضعفًا.
الضغط الاجتماعي والسياسي: يمكن أن تكون السلطات غير راغبة في إيجاد حل سريع خوفًا من تصاعد التوترات الاجتماعية أو استجابة لمطالبات أصحاب المصالح المرتبطة بالأراضي والعقارات. في بعض الحالات، قد تتجنب السلطات اتخاذ قرارات حاسمة حفاظًا على علاقات مع شبكات مصالح اقتصادية أو سياسية نافذة.
البعد الاجتماعي: التبعات على ساكنة دوار ولاد امبارك الانعكاسات الاجتماعية لهذه الأزمة شديدة وخطيرة. فالتشرد وفقدان المنازل أدى إلى معاناة اجتماعية كبيرة، بما في ذلك تدهور الظروف المعيشية، انهيار النسيج الاجتماعي، وزيادة الفقر. بعض الأسر تعيش حاليًا في ظروف غير لائقة، بما في ذلك اللجوء إلى العيش في مساكن مؤقتة أو لدى أقاربهم، مما يؤدي إلى مزيد من الضغط النفسي والمادي.
الآثار النفسية والمعنوية: عدم اليقين حول المستقبل، والشعور بالإهمال من قبل السلطات، يولد مشاعر من الإحباط والغضب لدى المتضررين. الهدم التعسفي لمنازلهم لم يكن مجرد فقدان للملكية، بل فقدان للأمان والاستقرار النفسي والمعنوي، وهو ما يساهم في زيادة التوتر الاجتماعي ويضعف الثقة بين المواطنين والدولة.
الضغوط الشعبية ودور المجتمع المدني: رغم تجاهل السلطات، فإن السكان المتضررين لم يبقوا مكتوفي الأيدي. قاموا بعدة محاولات لتسليط الضوء على معاناتهم من خلال تنظيم وقفات احتجاجية، وتقديم شكاوى للجهات المعنية. دور المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية كان حاسمًا في دعم هذه الساكنة، حيث قاموا بتنظيم حملات تضامنية، وفتح قنوات للتواصل مع الإعلام والرأي العام.
إلا أن التحدي الأكبر يكمن في إحداث تغيير حقيقي يتجاوز مجرد التعبير عن التضامن إلى التأثير على السياسات العامة واتخاذ قرارات حاسمة من قبل السلطات.
الخلاصة: تماطل السلطات في إيجاد حل لساكنة دوار ولاد امبارك بجماعة المنزه يعكس مجموعة من الاختلالات على مستويات مختلفة، تشمل سوء الإدارة، تجاهل الأولويات الاجتماعية، وتفاقم البيروقراطية. في الوقت نفسه، تتحمل السلطات مسؤولية مباشرة في انتهاك حقوق الساكنة المتضررة. المطلوب هو اتخاذ خطوات عاجلة لإيجاد حل شامل وعادل لهذه الأزمة، بدءًا بتوفير بدائل سكنية فورية وتعويضات منصفة، وتفعيل آليات تضمن احترام حقوق الإنسان بشكل أفضل في المستقبل.