المغرب: عبد الوافي الشافقي مندوب الطفولة الشعبية فرع ابن جرير القدس يكتب حول تراجع مقاربات التربية

الوطن24/ بقلم: عبد الوافي الشافقي
طفت في الآونة الأخيرة مجموعة من السلوكات لأطفال وطفلات مجتمعنا المغربي مسائِلة بذلك كل مؤسسات التنشئة والقييمين على مجال التربية.مما لا شك فيه أن مقاربات التربية يجب أن تخضع لتحيين وتجديد يراعيان مستجدات المجتمع؛ فالظاهر أن الطرق والوسائل القديمة لم تعد تجدي نفعا.
إن الحديث عن التربية يقودنا حتما إلى الحديث عن المتدخلين والمتداخلين فيها بحيث يكمل كل طرف ما بدأه الطرف الآخر؛ مما يتطلب تواصلا ورؤى موحدة بين الأطراف.
* الأسرة : إنها أول مؤسسة يجب أن تسأل عن سلوكات أطفالنا؛ والواضح أن تغير معايير بناء الأسرة التي صارت اقتصادية غير اجتماعية عند أغلب الملتحقين بها غَيَّرَ كذلك من مقاربات تربية الأبناء فصارت مقتصرة على الإطعام وتوفير الملبس والسفر غير منتبهة لمصاحبة سلوك الطفل؛ هذه المصاحبة التي طالما كانت مؤثرة في بناء القيم والمبادئ والأخلاقيات بعيدا عن أوامر “افعل كذا ولا تفعل كذا” التي تظل شمولية وفضفاضة في أغلب الأحيان.
* المدرسة : فهي ثاني المؤسسات تأثيرا في بناء سلوكيات الطفل؛ ومكانتها هذه تجعلها الأجدر بالمساءلة؛ فالحديث هنا عن التربية قبل التعليم؛ المبدأ الذي لم يعد حاضرا بصورة كبيرة نظرا لكثرة الحصص والمكونات الشيء الذي جعل المدرسيين غارقين في تنفيذ البرامج المدرسية يصارعون الزمن في إتمام المقررات. فالمقاربة هنا أيضا صارت كمية مرتبطة بكم درسا أُنْجِزَ في غياب البعد التربوي.
* المجتمع : المؤسسة الأكثر تأثيرا بشهادة كل الباحثين والمهتمين بالحقل التربوي وهذا التأثير تستمده_ في نظرنا_ من منطلقين اثنين؛ أولها: كثرة الزمن التي يقضيها الأطفال في الشارع وبين أقرانهم وفي مؤسسات استثمار الوقت الثالث مجتمعة. وثانيهما: كونها تساير رغبات. الطفل مكسرة بذلك الحواجز أمامه؛ وتوافق هواه.
فالمجتمع بكل أطيافه ومكوناته ( الجار؛ والشيخ وتلك المرأة العجوز؛ جمعيات التنشيط؛ دور الشباب؛ ملاعب القرب وغيرها…) صار عاجزا عن تأطير والمشاركة في التربية وطغت في المقابل أفكار مثل “دخل سوق راسك” ” واش أنا ولدتو” ” لي ولد شي يربيه” وغيرها كثير.
إلى جانب كل هذا؛ يظل انفتاح أبنائنا على التكنولوجيا الحديثة دون تأطير أو رقابة عاملا كذلك من بين العوامل المؤثرة في سوء التربية بالإضافة إلى انعدام إعلام تربوي يستحضر فئة الأطفال في بث مواده وبرامجه.
نتيجة كل هذا صارت التربية هدفا بعيد المنال وفقدنا السيطرة على سلوكات أبنائنا وفلذات أكبادنا؛ سلوكات تدق ناقوس الخطر إن نحن لم نتدارك الأمر ونضع يدا في يد كل من زاوية تخصصه وتدخله لتقويم ما يمكن تقويمه قبل فوات الأوان.