فرنسا / فضيحة مدوية: تهريب 2.4 مليون يورو من الجزائر عبر مطار شارل ديغول يفضح تسيباً مروعاً.

في حادثة هزت الأوساط الإعلامية وأثارت جدلاً واسعاً، فجرت السلطات الفرنسية بمطار “شارل ديغول” في باريس فضيحة مدوية تتعلق بمحاولة تهريب مبلغ مالي ضخم قادم من الجزائر. القضية تعكس في طياتها العديد من التساؤلات حول مدى التسيب والفوضى التي قد تكون تعاني منها المؤسسات الجزائرية، خاصة فيما يتعلق بالرقابة على الأموال وحركة رؤوس الأموال.

تفاصيل الحادثة بدأت عندما قامت السلطات الفرنسية المختصة في مراقبة الجمارك بالمطار بتوقيف شابين جزائريين كانا في طريقهما إلى إسطنبول عبر باريس. المفاجأة كانت في اكتشاف 2.4 مليون يورو بحوزتهما، مبلغ يعد ضخماً لدرجة أثارت حيرة وشكوك السلطات الفرنسية، ودفعها للتحقيق العاجل في كيفية وصول هذا المبلغ إلى أيديهما دون اكتشافه في الجزائر. المبلغ الكبير، الذي يعادل تقريباً 2.5 مليار سنتيم مغربي، كان مشمولاً أيضاً بكمية من الأموال بالفرنك السويسري، ما يشير إلى محاولة منظمة لتهريب أموال مشبوهة خارج الجزائر.

الواقعة، كما تم وصفها، لم تكن مجرد حادثة تهريب عادية، بل تعدت ذلك لتصبح مؤشرًا خطيرًا على الفوضى والفساد المستشريين في بعض مؤسسات الدولة الجزائرية، خصوصاً تلك المعنية بمراقبة حركة الأموال. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كيف تمكّن هذان الشابان، اللذان يبلغان من العمر 39 و32 عاماً، من تجاوز جميع نقاط التفتيش والمراقبة في المطارات الجزائرية؟ هذا السؤال يقودنا إلى افتراض وجود تواطؤ أو غض للطرف من قبل بعض الجهات في تلك المطارات، مما سهل عملية تهريب الأموال.

الشابان ادعيا خلال التحقيق معهما أنهما يعملان في مجال تجارة النسيج، وهو ادعاء يثير السخرية بالنظر إلى حجم المبلغ المضبوط بحوزتهما. تبريرهما الضعيف لم يقنع السلطات الفرنسية التي قامت على الفور بمصادرة الأموال واحتجازهما بتهمة عدم الامتثال لقوانين حركة رؤوس الأموال والاشتباه في تهريب العملة. هذه الفضيحة، التي أضيفت إلى سلسلة من الفضائح السابقة، تشير إلى احتمالية وجود شبكة منظمة تعمل على تهريب الأموال خارج الجزائر، مستغلة الثغرات والتراخي في أنظمة الرقابة المحلية.

الحادثة أثارت أيضاً غضباً واسعاً في الأوساط المغربية، حيث تم حساب قيمة الأموال المهربة بما يعادل 2.5 مليار سنتيم مغربي، وهو مبلغ يعتبر ضخماً في المغرب. هذه العملية قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة، ليس فقط على مستوى العلاقات بين الدول، ولكن أيضاً على مستوى الاقتصاد الجزائري نفسه، حيث يمكن أن تؤدي هذه العمليات إلى هروب رؤوس الأموال وتفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.

إن ما حدث في مطار “شارل ديغول” يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار للحكومة الجزائرية، التي أصبحت بحاجة ماسة لإعادة النظر في أنظمتها الرقابية وتفعيلها بشكل أكبر، لمنع تكرار مثل هذه الحوادث التي تسيء إلى سمعة البلاد على الساحة الدولية. كما ينبغي أن تكون هناك تحقيقات جادة في كيفية وصول هذا المبلغ الضخم إلى مطار دولي دون أن يتم اكتشافه في الجزائر، وتقديم المسؤولين عن هذا التسيب إلى العدالة.

وتبقى هذه الفضيحة دليلاً آخر على مدى تعقد وتشابك مشاكل الفساد والفوضى في بعض الدول، ومدى تأثيرها السلبي على سمعة البلاد وعلى اقتصادها. التحقيقات في هذه القضية قد تكشف عن المزيد من المفاجآت، لكن الأكيد أن هذه الحادثة لن تمر مرور الكرام، بل ستكون لها تداعيات واسعة على مختلف الأصعدة.