ما هو موقف العلماء من المجلس الوطني لحقوق “الإنسان”؟

الوطن 24/ بقلم: يونس امغران

في خطوة خطيرة تهدد السلم الإجتماعي الوطني، وتضرب بقوة وبدون هوادة في دين الدولة والمجتمع، أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤخراً بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرضائية بين الراشدين (فضلا عن التوصية بإلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي المجرم لإفطار رمضان)، معتبرا أن الرضا في هذه العلاقات المحرمة شرعا “لا تضر بالنظام العام ولا بالنظام الخاص ولا بالغير”، ومشيرا إلى أن توصيته بحذف الفصول من 489 إلى 493 من القانون الجنائي، تستند على ضرورة حماية الحياة الشخصية الحميمية للأشخاص تمشيا مع الإتجاه الغالب بشأنها في مجال حقوق الإنسان والإنسجام مع توصيات اللجنة الأممية لحقوق الإنسان الموجهة للمغرب.

والمحزن أن المجلس يبني توصياته بِلاَزِمة خطيرة، وهي: عدم إنسجام القوانين المغربية مع التشريعات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ضاربا بعرض الحائط ضرورة الإحتكام إلى الدين الإسلامي ومرتكزاته القائمة على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

كما أن المؤسف؛ هو أن الدولة منذ إنشائها لهذا المجلس وهي تُسنِد الإشراف عليه وتدبير مهامه لأشخاص وأسماء يسارية ماركسية لينينية، علما أن الأيديولوجية الماركسية معروفة بعدائها المطلق للدين والأخلاق والفضيلة. والدولة في هذا الأمر تعتقد أنها بإسنادها هذا تقدم أوراق إعتمادها للغرب بإعتبارها دولة حداثية تؤمن بالحريات العامة وتعمل على صيانة حقوق الإنسان.

والمبكي هو أن هذا المجلس يتشكل من أحزاب تدعي إنتسابها أو إنطلاقها من المرجعية الإسلامية في النظر إلى الشأن العام، ومن مجالس ومنظمات موكول إليها رسميا مهمة تدبير الحقل الديني بالمملكة ك: الرابطة المحمدية لعلماء المغرب.

ومَن ترتطم بطبلة أذنه كلمة “علماء المغرب” و”علماء” المجلس الأعلى العلمي و”علماء” المجالس العلمية؛ سيعتقد أن لهؤلاء وزنا كبيرا وكلمة نافذة داخل الدولة أو المجتمع، وأن متابعتهم لشأن الناس دقيقة، ورعايتهم للدين فاعلة، وتنميتهم لروح التدين وسلوكياته متواصلة !!! بينما الحقيقة صادمة ومؤلمة، إذ لا صوت لهم داخل أروقة الدولة والمجتمع، ولا حَظَّ لهم في قلوب الناس أو إهتماماتهم، وأن أكثرهم يجدون صعوبةً معقَّدةً في إقناع آبائهم أو أبنائهم أو أقاربهم بالعمل بتصوراتهم الدينية وفتاوَاهم الإجتماعية البسيطة والعادية لإنصراف الناس إلى فتاوى الفضائيات المشرقية المتعلقة بمختلف الميادين السياسية والإجتماعية والدينية.

وعليه؛ فإن مسؤولية هؤلاء “العلماء” كبيرة أمام الله والناس والتاريخ، وأن بقاءهم أعضاء بمثل هذه المجالس التي توصي بمعصية الله، وسكوتهم عما يُدَبَّرُ لهذا البلد المسلم الآمن المستقر من الفتن والمحن، وعدم جهرهم بالحق وجُبنهم عن إسقاط الباطل، سيترتب عليه وعنه خزي شديد يوم يلقون الله تعالى حيث يُسألون. لذلك هم مطالبون، في قضية الاعتداء على حدود الله، بالإصطفاف مع أبناء مجتمعهم، والإنتصار للمصلحة العامة حيث ثَمَّ شرع الله، والعمل على بيان مخالفة المواثيق الدولية وتشريعاتها لدين الله وفطرته أولا، ودحض أهدافها المؤيدة للشيطان ثانيا.

إن مسؤولية علمائنا ليست هيِّنَة؛ وليست معفية من مراقبة الله تعالى وحسابه، لأنها ليست من فروض الكفاية، وإنما هي من صميم فروض العين التي لا تسقط عنهم أبدا.