مجرد رأي : فاتح ماي ..وقت كانت الحكومات كايبياض لها الشغل !

الوطن 24 / بقلم محمد عبيد
في ظروف تتسم بالوضعية الاجتماعية المتدهورة للطبقة الشغيلة بالمغرب يقام احتفال كرنفالي بما يسمى عيد الشغل،
عوض أن يكون مناسبة تعلن فيها الطبقة الشغيلة عن مطالبها المتمثلة في الأطروحة الإصلاحية، عنوانها “العيش الكريم”، وذلك بعد تقديمها المطالب بشكل رسمي إلى دوائر ومراكز القرار، عكس اليوم النقابات تقرر دون استشارة ملتزمة ومتزنة ومسؤولة للقواعد حتى فقدت النقابات الثقة الكاملة من الطبقة الشغيلة رغم ما تزعمه من تدخل وتفاعل في قضايا العمال والموظفين والمتقاعدين ومن مزاعم التوافق مع الحكومة لتجاوز الاختناق القائم بيها وبين الطبقة الشغيلة… إلا أن هذه الاخيرة تعتبر ان فاتح ماي اليوم ليس هو فاتح سنوات ماقبل سنوات1980على الأقل حين كان العمل النقابي وكذا الاحتفال باليوم العاملي للعمال يجري في ظروف اتسمت بالضغط النقابي والسياسي، عكس اليوم أصبح الاحتفال مشبوها ومشوها بعدة سلبيات تكرس الوضعيات المجحفة للعيش الكريم، سيما وأن ما يتم ترويجه من حوار اجتماعي كشف على أن النقابات والأحزاب أيضا لم تستطع التصدي لقرارات وضعت قيودا على يد الطبقة الشغيلة بالمغرب، إذ لم تعد النقابات قادرة على التفاعل مع القضايا الكبرى للطبقة العاملة، بل غدت أشبه بالهياكل المهترئة، لا تقدم سوى خطابات مكررة دون أثر فعلي.
برأي مهتمين ومتتبعين للشأن النقابي، فإن القطاع النقابي في المغرب اليوم أكثر احتياجًا إلى حركة نقابية حقيقية، قادرة على الدفاع عن حقوقهم بقوة واستقلالية، بعيدًا عن الحسابات السياسية أو التوظيف الحزبي.
الإصلاح المطلوب للنقابات ليس مجرد هيكلة داخلية، بل إعادة بناء الثقة التي فُقدت بينها وبين العمال.
إلا أن الشرخ الحاصل ببن النقابات المغربية كشف وبالملموس أن القطاع النقابي يعاني من انقسامات قاتلة وهياكل مترهلة، جعلت النقابات رهينة للصراعات الداخلية والحسابات السياسية الضيقة… فبدلًا من توحيد صفوفها، انشغلت القيادات النقابية بمصالح شخصية، تاركة العمال في مواجهة مباشرة مع قرارات حكومية تتجاهل مطالبهم. الإضرابات التي تُعلن بين الحين والآخر تفتقد إلى التأثير، ليس فقط بسبب القيود القانونية، بل نتيجة ضعف التنسيق بين النقابات نفسها، التي باتت عاجزة عن حشد تأييد واسع بين العمال.
العمل النقابي، بحسب عدد كبير من الطبقة الشغيلة وحتى من قلب بعض النقابات، والذي كان يُفترض أن يكون يومًا للتعبير عن قوة الطبقة العاملة، تحول إلى مناسبة تكشف عن ضعف النقابات وعدم قدرتها على مواجهة تحديات المرحلة…
دون هذه الخطوة، سيبقى فاتح ماي مجرد يوم احتفالي فارغ، حيث تُرفع الشعارات وتنخفض الآمال، بينما تستمر الطبقة العاملة في فقدان مكاسبها أمام قرارات تُمرر بلا مقاومة تُذكر.