مغـرب الجهات بعد 2011: هل تحققت العدالة المجالية أم أن الفوارق لا تزال تزداد ؟

الوطن 24/ الرباط
بعد مرور أكثر من عقد على تطبيق دستور 2011، لا يزال السؤال الأهم يطرح نفسه: هل تحقق التوازن في توزيع الثروات بين جهات المغرب؟ وهل أدت الإصلاحات الجهوية المتقدمة والمالية إلى تحسين الواقع المعيشي للمواطنين في المناطق الأقل حظًا ؟

في ندوة دولية نظمها مؤخرا “مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية” و“المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، حول التفاوتات وسياسات إعادة التوزيع في شمال افريقيا، تناولت الباحثة مارية جوهري في ورقتها العلمية موضوع الموازنة الترابية في المغرب، وأكدت أن التوزيع العادل للثروات ما زال بعيد المنال. ورغم أن دستور 2011 جاء بإصلاحات مهمة في مجال الجهوية، إلا أن الواقع على الأرض يظل مغايرًا تمامًا.
الفوارق الجهوية ما زالت تحكم المشهد التنموي في المغرب، حيث تهيمن أربع جهات فقط على نصف الثروات المنتجة في البلاد وتستحوذ على نحو 67.12% من الناتج المحلي الإجمالي. هذه الفوارق تتجلى بشكل واضح في استمرار الاستثمارات العمومية التي تركز بشكل رئيسي في محور طنجة -الدار البيضاء-الجديدة، تاركة المناطق الأخرى تئن تحت وطأة التهميش الاقتصادي والاجتماعي.

ويبدو أن الأزمة تكمن في الفشل الذريع لسياسة الاستثمار العمومي التي تساهم بشكل كبير في تعميق هذه الفجوات. بحسب جوهري، فقط أربع جهات تستفيد من 80% من الاستثمارات العمومية، مما يعني أن التنمية مستمرة في التأثر بتوزيع غير عادل للموارد، ويجعل بعض الجهات تظل في دائرة الفقر والتهميش.
ما هو الحل إذاً؟ الباحثة تطرح مجموعة من المداخل من بينها آلية “الموازنة الترابية”، التي تشمل تقنيات مالية وجبائية تهدف إلى إعادة توزيع الموارد بين الدولة والجماعات الترابية. هذه الآلية تتطلب إرادة سياسية حقيقية للقيام بتغيير شامل في السياسة التنموية، والانتقال من اللامركزية الإدارية إلى لامركزية حقيقية، حيث يتم توجيه المشاريع والبرامج العمومية إلى المناطق الفقيرة والهشة، بما يحقق عدالة مجالية حقيقية.

وهنا يظهر التحدي الأكبر: هل يملك المغرب الإرادة السياسية لتفعيل هذه السياسات؟ هل ستتوقف الهيمنة الاقتصادية في الجهات الكبرى، وتبدأ حقًا عملية الإصلاح في توزيع الاستثمارات بشكل أكثر عدالة بين جميع الجهات؟ هذه الأسئلة تظل معلقة، في انتظار أن تكشف الأيام القادمة ما إذا كان المغرب سيجني ثمار الجهوية المتقدمة، أم أن الفوارق ستستمر في التفاقم.
المغرب أمام مفترق الطرق: أما آن الأوان لتوزيع عادل للثروات؟
