مقتل أبو بكر البغدادي وثورات العراق ولبنان..
الوطن 24/ بقلم: سليمان الهواري
أمريكا وللمرة المليون تقتل أبو بكر البغدادي صنيعتها في داعش كما أي خبر بارد ينزل هذا الصباح مع وجبة الفطور حتى يتناول طازجا كما فيلم يجب أن ينتهي بنفس طريقة فيلم هوليودي آخر عندما قتل بن لادن وتم تضييع أثره داخل البحر .. والواضح أن الأمريكان بصدد التهييء لنوعية جديدة من دواعش الزمان وقد يكونوا هذه المرة بنكهات مذهبية جديدة فما يقع داخل العراق ولبنان ينذر بدواعش بلون مذهبي قد يكونوا من الشيعة هذه المرة ويبدأ مسلسل ذبح جديد في شعوب الأمة .. حتى يكتمل تخليط كل الأوراق وإشغال الجميع عن مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني ..
النظام الطائفي في لبنان ومهما كانت إنتصارات المقاومة لم يجلب للشعب اللبناني إلا الفقر وطغيان الفاسدين ومافيا السياسة وحيتان المال .. وسياسة الأمريكان هي منع المقاومة من تصريف انتصاراتها في السياسة وفي ما هو إجتماعي وتمتلك ألف خطة لإلهائها واللحظة الآن حاسمة ودقيقة فيما هو التمييز بين صوت المقهورين ومطالبهم وبين التصدي لمشروع الفتنة الصهيوني المدعوم بالأيدي الفاسدة التي وحده النظام الطائفي اللبناني من طهرها وهي الموغلة في دماء الشعبين اللبناني والفلسطيني .. من غير جنبلاط وجعجع و آل الجميل من قتل الناس في الطرقات ؟ من بقر بطون الفلسطينين في صبرا وشاتلا غير جعجع رفيق بشير الجميل تلاميذ شارون و هو الآن يقود ثورة الغباء ؟ .. ثورة بلا برنامج ولا قيادة ولا بديل سوى شعارات فضفاضة جميلة من قبيل الدولة المدنية .. لكنها شعارات للتمويه فقط والمال السعودي وغرف السفارات تتحكم في تفاصيل وشعارات ساحة رياض الصلح والشهداء والحال وصل إلى قطع الطرقات وعودة مظاهر سنوات الحرب الأهلية المقيتة والناس تدفع الخوات كي تصل ألى مناطقها و قضاء حاجاتها الضرورية ..
أما في العراق فالموضوع مغاير تماما رغم أن الفاعل واحد والأمريكان من يحرك الساحات والسعودية والإمارات من تدفع .. و المستهدف واحد وكل الشعارات تنصب على العداء للحشد الشعبي وإيران وكأن ايران من تحكم في الساحة الخضراء رغم ثقل تواجدها في العراق وبين مكوناته السياسية و في جبهات المواجهة مع داعش بإعتبارها الوجه الأمريكي في المواجهة .. إذن هي تخريجة جديدة لمشروع الفتنة الأمريكي الذي يعتبر المسؤول الأول عن طبيعة نظام بغداد الطائفي فمن سلم شكليات الحكم للعصابة الطائفية الحاكمة في بغداد سوى دستور بريمر بعد إسقاط واحتلال بغداد في 2003 ؟ .. من مكن لكل الرموز الراجعة من منافي صدام حسين غير الأمريكان الذين سنوا نظام المحاصصة حتى أغرقوا الجميع في الفساد والاغتناء الفاحش بينما أغلب فئات الشعب العراقي تعيش الفقر المذقع والتخلف المزمن في كل المجالات بينما العراق من أثرى بلاد الأرض بثرواته البترولية اللامحدودة فكيف لا ينتفض العراقيون مادامت المواعض لا تملأ البطون و ما دامت كلمات المرجعية في النجف لم تصحح وضعا و لم تقض على فاسد و لم تؤسس لنظام عادل ينصف الجميع .. صحيح أن الشعب العراقي يحترم المرجعية الدينية بشكل كبير لكن الجوع كافر فعلا والفقر كافر حقا و الظلم أكفر الكافرين ففي غياب التوزيع العادل للثروات و السلطات كان يجب أن ينتفض العراقيون يوما ما ولا يهمهم أي أسوار يسقطون وأية قداسات يهدمون فلا قداسة أكبر من الإنسان وهي التي حطمها حكام العراق الجدد ومن يسير على الحكم في المساحة الخضراء و في كل مفاصل الدولة ..
لنقول أنها فعلا ثورة محرومين في العراق يقينا لكنها ثورة بِنْت شرعية للثورات الأمريكية الجديدة التي تتوسل قهر الشعوب و مظلومياتهم للتسلل إليها و النمو في عقلها المدبر و تحويل خريطة صراعها والتأسيس للفوضى و الفوضى فقط .. فما معنى أن يتم التهجم على مقرات عصائب أهل الحق من شخصيات معروفة بمواجهاتها الطويلة لداعش في ساحات القتال و قتلها بل التنكيل بهل بشكل وحشي بما يذكر بداعش و كيفية تعاملها .. فهل هذه ثورة شعبية عراقية بريئة حقا ؟؟ وأي أفق تحمل لمستقبل العراقيين ؟ إنه مشروع حرب أهلية فعلا .
نعم يجب الإقرار أن حكام العراق لصوص و فاسدون وأغلبهم شيعة فعلا مادام الفساد لا يميز بين دين و مذهب حاكم أو مسؤول .. فهل تنتظر المرجعية فقط أن يتحول الناس فقط إلى قطيع يلبي نداء النجف في الدفع بشبابه للموت في ساحات القتال ضد الدواعش بينما سكان القصور من أتباع المرجعية يتنعمون في خيرات العراق ؟ كيف نفسر موقف مقتدى الصدر وحضوره المسلح في الساحات ودخول مسلحيه في مواجهات مع الحشد و مع العصائب ألسنا في بداية مشهد قريب جدا لاقتتال شيعي شيعي يتمدد في كل المنطقة حتى لبنان و المؤشرات كثيرة .. ولن يكون الحل بالترقيع ما لم يحسم شكل الحكم لصالح الناس فعلا و بعيدا عن المحاصصات الطائفية وإلا سيظل مسمار جحا الأمريكي حاضرا كل مرة لتفجير الوضع وعلى السياسيين العراقيين أن يحسموا انتقال بلدهم إلى استقلال حقيقي من الأمريكان و من كل التدخلات الخارجية وصياغة دستور وطني يحاكم الفاسدين بعيدا عن سلطة المرجعيات الدينية و حماية العشائر و القبلية المقيتة وإلا سيظل الدم يفور في بغداد والموصل والبصرة و بين العتبات المقدسة .. ألم تسمعوا ما يسمى بالشيرازيين وما يسمى الصرخيين و ما يسمى المهدويين وكلهم طوائف شيعية وموجودة ومدعمة وتتحرك وفق أجندات لا تخفى عن أي مهتم و متابع للوضع العراقي منذ احتلال بغداد .. أليس هؤلاء مشروع اقتتال شيعي شيعي في المنطقة ؟
وعندما نقارن ما يقع في لبنان بالعراق وكيف تتم حلحلة الأوضاع نلمس الفرق يقينا لطبيعة المكونات و طبيعة الفرقاء و المتصارعين لنستنتج أن لبنان ومهما تصاعد صوت الفتنة فإن الانتصار للحكمة هو المرجح و هي لحظة التخلص من الميليشيات المتواجدة في السياسة اللبنانية بياقات نظيفة و ربطات عنق دون التخلي عن مطالب الشعب المحقة في تجاوز النظام الطائفي لاتفاق الطائف السعودي .. أما في العراق فالترجيح لاشتعال كبير يتوخى معاقبة بعض التوجهات في الابتعاد عن محور أمريكا بريطانيا من خلال فتح معبر البوكمال وهو ما يتجلى في عودة الجيش الأمريكي لحماية الأكراد من جديد و السيطرة على مواقع النفط السوري ليتراجع الأمريكان جهارا عن تخليهم عن قوات قسد و يمنح الأتراك فرصة تثبيت مواقعهم في حملاتهم الأخيرة على الشمال السوري بما يعني أن الأمريكان انتقلوا إلى مرحلة جديدة في تشتيت المنطقة والرد على انتصارات الجيش السوري و المقاومة عموما في المنطقة وذلك بإشعال الجبهة الداخلية في كل من العراق ولبنان وهو الأمر الذي تم فعلا و تقدم خطوات تنفيذية خطيرة ..
لنعود إلى قتل أبو بكر البغدادي كتحصيل حاصل بعد استنفاذ دوره من خلال عملية الإنزال الهيتشكوكي في ادلب السورية قبل أن تتجلى الصورة لتعلن أمريكا من هو أبو بكر بغدادها الجديد و لأي جهة ينتمي و ما هي الجرائم الجديدة التي تعد بها أمريكا شعوب المنطقة ؟؟