هل أصبحت حرية الصحافة في المغرب جريمة تستوجب المحاكمة؟

تشهد الساحة الإعلامية في المغرب تطورات متسارعة تهدد حرية الصحافة وتزيد من التضييق على الأصوات المستقلة. يجد الصحفيون المغاربة، خصوصاً المستقلين منهم، أنفسهم أمام محاكمات جنائية ومطالبات بتعويضات مالية ضخمة، وكأن ممارسة مهنة الصحافة أصبحت جريمة. في مقدمة هذه القضايا تبرز دعوى وزير العدل ضد الصحفي حميد المهداوي، حيث يطالب دفاع الوزير بتعويض يصل إلى مليار سنتيم، إلى جانب عقوبات حبسية مشددة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تضمنت الدعوى مطالب بتدقيق مداخيل قناة المهداوي على “يوتيوب”، وكأنها خطوة تشكك في مصادر تمويله كما لو كان يشكل تهديداً للأمن الوطني، أو قد تكون وراءه “أنشطة خطيرة” على غرار تعليقاته الساخرة السابقة حول “الدبابات”.

أصبحت هذه القضايا مثالاً صارخاً على الأسلوب المتبع في المغرب لتكميم الأصوات الصحفية، حيث يُحاكم الصحفيون بالقانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر، مما يدفع إلى التشكيك في الخلفيات التي تقف وراء هذه المتابعات. إذ كيف يصبح تناول قضايا الشأن العام والتعبير عن الآراء جريمة، في حين ينص الدستور المغربي على حماية حرية التعبير؟

وفي خضم هذه التحركات، يظل صمت النقابات والمجالس الوطنية للصحافة في المغرب موضع استغراب وتساؤل. فقد أُنشئت هذه الهيئات لحماية الصحفيين والدفاع عن حقوقهم، ولكن غيابها أمام هذه الملاحقات القانونية يثير الشكوك حول مدى استعدادها للقيام بدورها. فهل أصبحت المصالح الشخصية والمزايا عائقاً أمام دور النقابات في الدفاع عن حقوق الصحفيين، أم أن “تخمة البطون” تحول دون قيامها بالمهام التي يُفترض أن تكون رأس أولوياتها؟

وبينما تتكرر المحاكمات التي تسعى لتكميم الأقلام الحرة، تبدو المبادرات الملكية بالعفو عن الصحفيين وكأنها محاولة لتصحيح اختلالات المتابعات القضائية المتكررة، مما يدفع للتساؤل: هل يمكن أن يكون هناك يوم تُحترم فيه حرية الصحافة في المغرب دون قيود؟