هل نحن فعلاً في حاجة إلى “بطاقة الملاعب”؟سؤال محرج يُعري واقع الصحافة الرياضية في المغرب.

مجرد سؤال بسيط قد يبدو للبعض ساذجاً: هل نحن فعلاً في حاجة إلى ما يُسمى بـ”بطاقة الملاعب”؟
لكن خلف هذا السؤال تختبئ حقيقة مؤسفة عن واقع الصحافة الرياضية في المغرب، حيث تحوّلت هذه البطاقة من آلية تنظيمية إلى وسيلة للعبث والفوضى.

في الأصل، كان الهدف من “بطاقة الملاعب” تسهيل ولوج الصحفيين المعتمدين إلى الملاعب، وتيسير مهام التغطية الإعلامية في جو من المهنية والاحترام المتبادل. لكن الواقع اليوم شيء آخر تماماً. هذه البطاقة تُمنح خارج أي إطار قانوني واضح، ولا تخضع لأي معايير معتمدة من الجهات المخوّلة، فأصبحت بذلك باباً خلفياً لدخول غرباء عن المهنة إلى فضاء من المفترض أن يكون محمياً.

في المغرب، حيث ما زالت الصحافة الرياضية تبحث عن التموقع الصحيح داخل المشهد الإعلامي الوطني، زاد الوضع تعقيداً بانتشار بطاقات تُمنح في المقاهي أو عبر وساطات شخصية، دون أن تُطلب فيها لا بطاقة مهنية، ولا انتماء لجمعية صحفية معترف بها، ولا حتى حد أدنى من التكوين أو المعرفة الإعلامية.

فهل يُعقل أن نساوي بين صحفي ميداني خاض التكوين، ويحترم ضوابط المهنة، وبين شخص يقتحم الملاعب فقط لأنه “يعرف فلاناً” أو “حصل على ورقة من جهة غير معتمدة”؟

ما يحدث اليوم لا يُسيء فقط للصحافة، بل يُهين الصحفيين المهنيين الحقيقيين، ويُفقد الجمهور، واللاعبين، والمنظمين، الثقة في الجسم الإعلامي ككل.

لحسن الحظ، بدأت بعض الفرق في المغرب تستفيق من غيبوبة التهاون، وتُصدر قرارات جريئة بمنع كل من لا يتوفر على بطاقة مهنية صادرة عن المجلس الوطني للصحافة، أو بطاقة صادرة عن جمعية صحفية رياضية قانونية. هي خطوات مشجعة، لكنها لا تكفي.

المطلوب اليوم، هو موقف موحد من الفرق والعصب والجامعات، بل ومن وزارة الشباب والثقافة والتواصل نفسها، لإغلاق هذا الملف بشكل نهائي، وإلغاء أي اعتماد لـ”بطاقة الملاعب” بصيغتها الفوضوية الحالية.

فإما أن نُكرّس الصحافة الرياضية كمهنة محترمة في المغرب، لها شروط وأبواب واضحة، وإما أن نواصل مسلسل التمييع… وعندها لا معنى للحديث عن أخلاقيات المهنة، ولا عن احترام الجمهور، ولا حتى عن مستقبل الإعلام الرياضي نفسه.

في النهاية، يبقى السؤال قائماً: هل نحن فعلاً بحاجة إلى بطاقة جديدة، أم إلى وعي جديد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *