وزارة الداخلية المغربية تُحصّن رجال السلطة ضد المتابعات القضائية في قضايا الهدم والبناء العشوائي.
الوطن24/ ذ.عبد الجبار الحرشي
في تحرك لافت يعكس قلقاً مؤسسياً من تزايد المتابعات القضائية التي تطال رجال السلطة الميدانية، أقدمت وزارة الداخلية المغربية على تعميم برقيات رسمية على عدد من عمال العمالات والأقاليم، خصوصاً في جهتي الدار البيضاء – سطات ومراكش – آسفي، تضمّنت توجيهات صادرة عن قسم النزاعات التابع لمديرية المؤسسات المحلية، تدعو إلى حماية القواد من التبعات القانونية المرتبطة بعمليات الهدم الأخيرة.
البرقيات، التي توصل بها مسؤولو الإدارة الترابية، تضمنت استشارات قانونية تعفي القواد من المتابعة القضائية شريطة احترام المساطر الجاري بها العمل، خصوصاً ما يتعلق بالتدخلات في مجال تحرير الملك العمومي ومكافحة البناء غير المرخص. وقد شددت هذه التوجيهات على أن المسؤولية القانونية في هذا الباب تقع في الأصل على عاتق رؤساء الجماعات الترابية، بصفتهم القانونية كمدافعين عن الأملاك العمومية للجماعة.
وأكدت الوثائق نفسها على إمكانية لجوء السلطات إلى قضاة المستعجلات لاستصدار أوامر بالهدم أو الطرد، وهو الإجراء الذي من شأنه أن يحصّن التدخلات الميدانية ويقطع الطريق على الدعاوى القضائية التي غالباً ما تُرفع ضد القواد، بالرغم من قيامهم بمهامهم في إطار القانون وتعليمات رؤسائهم الإداريين.
وتأتي هذه الخطوة عقب توصل وزارة الداخلية بتقارير ميدانية تحذر من تزايد حالات الاحتقان الاجتماعي والدعاوى القضائية في صفوف رجال السلطة، الذين يجدون أنفسهم أحياناً عرضة للمتابعات رغم تنفيذهم لقرارات قانونية، لا سيما في المناطق التي تعرف انتشاراً للبناء العشوائي والاحتلال غير القانوني للملك العمومي.
ويُنظر إلى هذه الاستشارات على أنها محاولة لإعادة تنظيم العلاقة بين الإدارة الترابية والمجالس المنتخبة، وتحديد مسؤوليات كل طرف بشكل واضح، بما يضمن حماية الموظفين العموميين أثناء أدائهم لمهامهم، ويُجنب الإدارة الترابية تكرار سيناريوهات الصدام مع المواطنين أو جمعيات المجتمع المدني.
وتطرح هذه الخطوة تحديات جديدة بخصوص التنسيق بين السلطات المحلية ورؤساء الجماعات، خاصة في ظل غياب مساطر موحدة واضحة للتدخل، مما يفتح الباب أمام اجتهادات قد تُسيء للتنزيل السليم للقانون.
ويبقى السؤال: هل ستكفي هذه التوجيهات لتحصين رجال السلطة على المدى الطويل؟ أم أن الحل يكمن في مراجعة أعمق للإطار القانوني المنظم للعلاقة بين الجماعات الترابية والإدارة الترابية؟
