وهبي يقسم بعدم تعديل قانون يمنع جمعيات حماية المال العام في المغرب من محاربة الفساد: هل الحكومة توفر غطاءً للمفسدين؟

في خطوة مثيرة للجدل، أعلن وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي، خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان يوم الثلاثاء 11 مارس 2025، رفضه القاطع لأي تعديل على المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية، التي تمنع جمعيات حماية المال العام في المغرب من تقديم شكاوى أمام القضاء ضد المتورطين في قضايا الفساد. لم يكتفِ وهبي بالتأكيد على موقفه، بل قالها بصوت عالٍ وبنبرة حاسمة: “أقسم بالله ألا أقبل أي تعديل في المادة 3.”

هذا التصريح فجّر موجة من الانتقادات داخل البرلمان المغربي وخارجه، حيث اعتبره العديد من الفاعلين الحقوقيين تضييقًا خطيرًا على دور المجتمع المدني، الذي منحه الدستور المغربي مكانة محورية في ممارسة الرقابة على المال العام. فحرمان الجمعيات من حقها في متابعة قضايا الفساد يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى التزام الحكومة المغربية بمبدأ محاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة. فهل يعكس هذا التشدد محاولة لحماية بعض المسؤولين المتورطين في شبهات الفساد؟

محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، وصف هذا القرار بأنه “شرعنة للفساد وتكميم المجتمع المدني”، مشيرًا إلى أن المادة 3 تحصر تقديم الشكايات في يد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض فقط، مما يعني فعليًا إقصاء الجمعيات الحقوقية من دورها الأساسي في مراقبة المال العام وكشف التجاوزات.

إصرار وهبي على رفض التعديل يفتح الباب أمام تساؤلات شعبية مشروعة: من أين حصل بعض المنتخبين، خصوصًا رؤساء الجماعات في المغرب، على ثرواتهم الطائلة؟ كيف راكموا العقارات والضيعات داخل البلاد وخارجها؟ ما مصادر هذه الأموال؟ ولماذا اغتنى معهم أفراد من عائلاتهم بشكل لافت؟ هل قرارات وزير العدل، وهو بدوره رئيس جماعة تارودانت، تمنح حماية قانونية غير مباشرة للمتورطين في نهب المال العام؟

إذا كانت الحكومة المغربية جادة في محاربة الفساد، فلماذا تسعى لتقويض دور المجتمع المدني في تقديم الشكايات؟ وهل يُعقل أن تُقيَّد آليات الرقابة في وقت تتزايد فيه فضائح تبديد المال العام والإثراء غير المشروع؟ مهما كان إصرار وهبي، فإن يد القضاء ستطال الفاسدين عاجلًا أم آجلًا، لأن الشعب المغربي لن يقبل أن يُفرغ شعار “محاربة الفساد” من أي مضمون حقيقي، لصالح شبكة من المحميين الذين يتحصنون خلف القوانين الموجهة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *