المغـرب/ الأسواق العشوائية في مدينة سلا: بين فوضى التنظيم وتواطؤ السلطات المحلية.

الوطن24/ بقلم: عبد الكبير بلفساحي 

تشهد مدينة سلا، كما هو الحال في العديد من المدن المغربية، تفاقماً مستمراً في ظاهرة الأسواق العشوائية التي باتت تشكل معضلة اجتماعية واقتصادية، وتضعف من هيبة الدولة أمام مواطنيها. هذه الأسواق التي تنتشر بشكل غير منظم تعكس فشل السلطات المحلية في فرض الرقابة الصارمة، وسوء التسيير من قبل الملحقات الإدارية المتواجدة في محيط هذه الأسواق. ويبدو أن هذه الفوضى ليست نتيجة لعجز إداري محض، بل قد تكون جزءًا من تواطؤ بعض الأطر المحلية، مثل “المقدمين”، الذين يرون في هذا الوضع فرصة للاستفادة من عائدات غير مشروعة، أو القريبين من مراكز المسؤولية الذين يشكلون الغطاء امن يستفيذون من هذا الريع.

وفوضى الأسواق العشوائية في سلا تشكل حالة متزايدة من الإهمال والتنصل من المسؤولية من قبل الجهات المسؤولة. الباعة المتجولون يحتلون الشوارع والأرصفة، مما يعرقل حركة السير ويفاقم الوضع البيئي والصحي للسكان. بدلًا من تنظيم هذه الأسواق بما يخدم مصالح الجميع، اختارت السلطات إما غض الطرف عنها أو التعامل معها بانتقائية، مما يترك المجال للفوضى.

وراء كل تلك الفوضى التواطؤ هناك المؤسسي وسوء التسيير ، ففي قلب هذه المشكلة يكمن سوء التسيير داخل الجماعات المحلية التي تقع في نطاقها هذه الأسواق. هذا التسيير السيء يثير تساؤلات جدية حول نزاهة وفعالية المسؤولين المحليين، الذين من المفترض أن يسهروا على خدمة المواطنين والحفاظ على النظام العام. لكن الواقع يظهر أن السلطة وأعوانها وغيرهم من المسؤولين الميدانيين قد يكونون مستفيدين من الوضع الفوضوي، سواء عبر الرشوة أو عبر استغلال النفوذ، مما يعزز من انتشار هذه الأسواق.

وفوضى الأثر الاقتصادي والاجتماعي لا يقتصر على البعد الأمني والتنظيمي فقط، بل يمتد إلى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية. فالأسواق العشوائية تضر بالتجار الرسميين الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على المنافسة بسبب عدم دفع الباعة المتجولين لأي ضرائب أو رسوم، مما يفاقم من أزمة البطالة ويفتح المجال للاقتصاد غير الرسمي. كما أن تراجع الثقة بين المواطنين والسلطات المحلية يزيد من تفاقم الأزمة، حيث يرى المواطنون أن الدولة تغض الطرف عن مشاكلهم لصالح مصالح ضيقة.

هناك حاجة إلى إصلاح شامل لإنهاء هذا الوضع، فهناك إلزامية احتاج مدينة سلا إلى مقاربة إصلاحية شاملة تبدأ أولاً بإعادة هيكلة المقاطعات والملحقات الإدارية وتطبيق القانون بشكل صارم على كل من الباعة المتجولين والمسؤولين المتواطئين. و تنظيم الأسواق بشكل رسمي، وتوفير فضاءات ملائمة للباعة المتجولين، هذا كله قد يكون جزءاً من الحل. لكن الأهم هو فرض رقابة صارمة على أداء السلطات المحلية لضمان أن المصالح الشخصية لا تطغى على المصلحة العامة.

إن الأسواق العشوائية في سلا تمثل أكثر من مجرد فوضى تجارية، بل هي صورة مصغرة لفشل السياسات المحلية وسوء التسيير الذي يعاني منه المواطن البسيط يومياً. إذا لم تتم معالجة هذه الظاهرة بجدية من قبل السلطات المركزية والمحلية، فإنها ستظل رمزاً للفساد المؤسستي والانفلات من القانون.