المغرب/ الشفافية الغائبة: التدبير المفوض لقطاع النظافة بفاس بين المصالح الحزبية وتجاهل المواطن

الوطن24/بقلم: بريك عبد العالي*
تعيش مدينة فاس، التي لطالما اشتهرت بجمالها التاريخي والثقافي، واقعًا بيئيًا متدهورًا نتيجة سوء تدبير قطاع النظافة. فبعدما أُسندت مسؤولية هذا القطاع لشركة “أوزون” في عهد العمدة السابق حميد شباط، تحت إشراف عزيز البدراوي، الرئيس السابق لنادي الرجاء الرياضي والمتابع حاليًا في قضايا جنائية، تحولت المدينة إلى مساحة تعج بالأوساخ والنفايات المتناثرة على الأرصفة والطرقات.
الوضع الحالي في فاس يعكس ترديًا بيئيًا واضحًا؛ أكوام النفايات تنتشر بشكل عشوائي، وروائحها الكريهة تملأ الهواء، حتى أصبحت الكمامة وسيلة ضرورية للتنقل في الشوارع، خاصة مع حاويات النفايات المهترئة التي لا تليق بمدينة بحجم وأهمية فاس.
في إطار السعي لتحسين الوضع، قررت جماعة فاس الدخول في شراكات مع شركتين أجنبيتين تعملان في مجال جمع وتدوير النفايات، بعد مفاوضات طويلة. وقد تم توزيع المهام بين الشركتين حسب المقاطعات الست في المدينة. لكن هذه الخطوة أثارت جدلاً كبيرًا بين أعضاء المعارضة، خاصة مستشاري حزب العدالة والتنمية. فقد أعربوا عن استيائهم من عدم إشراكهم في صياغة الاتفاق، وخصوصًا أن الوثائق المتعلقة بالصفقة كتبت باللغة الفرنسية، مما زاد من حدة الاحتجاجات.
أحد أبرز نقاط الجدل كان حول ملكية إحدى الشركتين الفائزتين بالتدبير المفوض، والتي تعود لعائلة “صهيون” اليهودية، ويديرها ميشيل رياض، وهي شركة تأسست سنة 1995 بمدينة الدار البيضاء. هذه المعلومة أثارت حفيظة البعض، خصوصًا بين صفوف مستشاري العدالة والتنمية، الذين لم يكونوا مرتاحين لفكرة إسناد هذا النوع من المشاريع الحيوية لشركات يملكها أشخاص من أصول يهودية، رغم أن بعض المسؤولين في الجماعة رفضوا التعليق على الأمر، معتبرين أن الأهم هو قدرة الشركتين على إنجاز المهام المنوطة بهما.
في هذا السياق، يطرح تساؤل مهم: هل المغرب يفتقر فعلاً إلى شركات وطنية مئة بالمئة قادرة على تولي مثل هذه المشاريع؟ أم أن هناك اعتبارات أخرى خارجة عن الإرادة تتحكم في تفويت الصفقات الكبرى؟
الجانب الأهم الذي يبرز في هذا المشهد هو غياب الشفافية والتواصل بين المسؤولين والمواطنين. المواطن المغربي يتطلع إلى إدارة فعالة للقطاعات الحيوية، مثل النظافة، ويأمل في أن تتعامل الهيئات المنتخبة بشفافية ومسؤولية. إلى متى سيستمر هذا التحفظ، وإلى متى سيظل المواطن بعيدًا عن صناعة القرار، خاصة في ما يتعلق بالخدمات الأساسية التي تؤثر مباشرة على حياته اليومية؟
*فاعل حقوقي