المحامون في المغرب: أزمة مهنية تهدد استقلالية الدفاع

في خطوة جريئة وغير مسبوقة، أعلن مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب عن توقف فعلي عن ممارسة مهنة الدفاع اعتباراً من فاتح نونبر 2024 وحتى إشعار آخر. هذه الخطوة التصعيدية تأتي في سياق تصاعد الاحتجاجات ضد المقتضيات الضريبية الجديدة التي تضمنها مشروع قانون المالية لسنة 2025، والتي يرى المحامون أنها تشكل تهديداً مباشراً لمكانة مهنة المحاماة واستقلالية القضاء.

تسود أجواء من الاستياء والغضب بين المحامين الذين يعتبرون أن الحكومة تتجاهل التحديات الاقتصادية التي تواجههم، وتُثقل كاهلهم بضرائب إضافية. وقد عبر العديد منهم عن قلقهم من أن هذه الإجراءات لن تؤثر فقط على دخلهم، بل أيضاً على قدرتهم على تقديم خدمات قانونية ذات جودة عالية للمواطنين. كما يشير المحامون إلى أن المهنة تواجه العديد من التحديات، بدءًا من تكاليف الممارسة ومروراً بالضغوط الاجتماعية، وانتهاءً بالانحدار العام في احترام حقوق الدفاع.

تعتبر مهنة المحاماة في المغرب ركيزة أساسية في النظام القضائي، وهي تلعب دوراً حيوياً في حماية حقوق الأفراد. ولذلك، فإن أي تغيير يمس هذه المهنة يُعتبر تهديداً لمبادئ العدالة والإنصاف. وقد حذر الكثير من المحامين من أن هذه التغييرات الضريبية قد تدفع العديد من الممارسين إلى مغادرة المهنة، مما يضعف القدرة على الدفاع عن حقوق المواطنين.

إن قرار التوقف عن ممارسة المهنة يعكس تصاعد الاحتجاجات والمطالبات بالإصلاح، ويشكل دعوة واضحة للحكومة لتبني حوار جاد مع المحامين للوصول إلى حلول منصفة. فالوقت قد حان للتفكير في مستقبل مهنة الدفاع في المغرب، وإدراك أهمية دعم المحامين في سياق تعزيز العدالة الاجتماعية.

تعتبر هذه الأزمة فرصة للجميع للتأمل في واقع النظام القضائي المغربي، وضرورة العمل سوياً لحماية حقوق الدفاع وضمان استقلالية القضاء. إذا لم تُستجب الحكومة لمطالب المحامين، فقد تتجه الأمور نحو تصعيد أكبر، مما سيؤثر سلباً على النظام القضائي والمجتمع ككل.

إن المغرب بحاجة ماسة إلى نهج متوازن يعزز من مكانة المحاماة ويساهم في الحفاظ على حقوق المواطنين. ومن هنا، يبقى الأمل معقوداً على تحقيق حوار بناء بين الأطراف المعنية، لوضع الأسس اللازمة لضمان استمرارية مهنة المحاماة وتعزيز استقلاليتها في خدمة العدالة.