المسؤولية والمحاسبة… من ينصف ساكنة سوق الأربعاء

الوطن 24/ بقلم : د.إدريس الكنبوري

تعيش مدينة سوق أربعاء الغرب، ومعهما مدينة وزان نسبيا، تحت حصار خانق من جراء تداعيات انتشار فيروس كورونا في منطقة للاميمونة قبل أيام قليلة، والذي تسبب في إصابة ما يزيد على 600 حالة، أغلبهن من النساء اللواتي يعملن في حقول الفراولة بالشركات الإسبانية ضواحي مولاي بوسلهام.

سكان المدينة يجأرون بالشكوى بسبب الحصار الذي فرض عليهم. فبعد ثلاثة أشهر من الحجر الصحي الوطني العام، تم التمديد لمدة 14 يوما أخرى، لكن بشكل أكثر حدة وقساوة عما كان يحصل أيام الحجر الثلاثي، حيث كان المواطنون يتنقلون بحذر بين بعض البوادي ومركز المدينة، وكانت بعض المناشط الاجتماعية والاقتصادية تشهد نوعا من المرونة، لكن الحالة اليوم مختلفة.

القصة بدأت عندما تسربت أنباء عن انتشار الفيروس في معامل إنتاج الفراولة، حيث تبين أن ما يزيد على 600 امرأة وفتاة أصبن به. لكن الجميع يعرف بأن هؤلاء كن يعملن في ظروف لا توجد فيها وقاية ولا رقابة، علما بأنه كانت هناك لجان يقظة على الصعيدين المحلي والإقليمي، ولا يمكن أن تكون هناك بؤر تشغل المئات من العاملات بعيدة عن المراقبة. وهؤلاء العاملات كن يأتين في سيارات نقل بمعدل أربعين إلى خمسين امرأة في السيارة الواحدة، دون أي احتياطات أو تباعد اجتماعي كما كان يطبق في حالات أخرى ومناطق أخرى، وكما كان التلفزيون المغربي يظل يطنطن الليل والنهار، بالصورة والصوت. فهل السبب أن الباطرونا الإسبانية لا تعرف العربية ولا تتابع التفزيون المغربي؟ أم إن السبب أن المسؤولين المحليين لا يعرفون الإسبانية؟؟.

إنه شيء مضحك ومحزن في الوقت نفسه.

وعندما تم تسجيل أول حالة في مدينة العرائش بين العاملات، والتي يقال إنها كانت وراء نشر الفيروس في بقية العاملات، كان على المسؤولين على الأقل وقف نقل العاملات من المدينة إلى للاميمونة، حماية لباقي العاملات. لكن شيئا من هذا لم يحصل. لماذا؟

لقد لاحظ البعض من أبناء المنطقة أن توقيت الإعلان عن الإصابات تزامن مع توقيت نهاية موسم إنتاج الفراولة. هذا يعني أن الباطرونا الإسبانية كانت تريد الانتهاء من الإنتاج حفاظا على مصالحها الاقتصادية، ولا شأن لها بصحة المواطن المغربي البئيس، الذي يتم استعباده في بلده، ويخاطر بحياته من أجل قوت أبنائه. هذا يعني أيضا أن الباطرونا ومن تواطأ معها كانت تلتزم الصمت إزاء حالات الإصابة قبل الإعلان الرسمي عن عدد المصابين، وكانت تتكتم ريثما ينتهي الإنتاج والتصدير.

لكن اليوم المواطنون يدفعون ثمن مسؤولين أخلوا بمسؤولياتهم.

المواطنون ينتظرون نتائج التحقيق الجاري لمعرفة المسؤولين. لكن بعيدا عن لغة الخشب، هناك مسؤوليات واضحة تعرفها الدولة، مسؤولة عن عدم تفعيل إجراءات الوقاية التي كانت توصي بها الدولة، وعن التراخي، والاستهتار بسياسة الدولة التي انتهجتها في محاصرة الجائحة، وتحت المتابعة المستمرة لجلالة الملك.

الحكومة عليها كامل المسؤولية في تطبيق القانون، وفي الضرب على يد كل من ثبت تورطه، لأن المواطن اليوم أصبح واعيا تماما بالأساليب البالية في تحميل المسؤوليات، بإلقائها على حلقة ضعيفة يسهل إنزال العقوبة بها. وعليها كامل المسؤولية أيضا في تعويض المواطنين الذين تضرروا بشكل بالغ من الحجر لمدة ثلاثة أشهر زائدا أسبوعين، في منطقة هي أصلا منطقة شبه معزولة، يسيطر عليها الأباطرة وسماسرة الانتخابات ومصاصو الدماء.

أخيرا كلمة قصيرة إلى الفرق البرلمانية: لقد أدخل بعضكم قضية مصطفى الرميد وكاتبته إلى البرلمان في جلسة عاصفة، الآن هناك حالة مئات الآلاف من المواطنين، ألا يستحق هؤلاء كلمة قوية في مواجهة حكومة تتهيب من مواجهة الحقائق؟؟