المغرب بين تطوير المساجد وشفافية الصفقات: المسجد الكبير بفاس يثير علامات استفهام.

أعلنت مديرية المساجد التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عن رست صفقة بناء المسجد الكبير بمدينة فاس على تجمع شركتي “Salbi Sarl” و**“أبناء المحمدي بلحاج”** بقيمة تجاوزت 130 مليون درهم، أي أكثر من 13 مليار سنتيم. المشروع يندرج ضمن برنامج الوزارة لتطوير البنية التحتية الدينية، ويُعتبر خطوة مهمة لتحسين ظروف استقبال المصلين وتعزيز مكانة فاس كعاصمة علمية وروحية.

لكن على الرغم من هذا الطابع الرسمي الإيجابي، يثير المشروع الجدل حول شفافية تدبير الصفقات العمومية. وفق المعطيات، فإن التجمع الفائز كان الوحيد الذي تقدم للصفقة، ما يطرح أسئلة مهمة:

  • لماذا لم تفتح الوزارة باب المنافسة على صفقة بهذا الحجم؟
  • هل هناك شروط محددة أعاقت مشاركة شركات أخرى؟ أم أن الأمر كان مقصوداً لتفضيل هذا التجمع؟
  • كيف يمكن للوزارة ضمان أن المشروع ينفذ بأفضل الأسعار وجودة الأشغال في ظل عدم وجود منافسة فعلية؟

الوزارة تؤكد أن المشروع يأتي ضمن جهود شاملة لتأهيل البنية الدينية بالمغرب، حيث رصدت ملايين الدراهم لبناء وتأهيل المساجد وتجهيزها بأنظمة حديثة للنجاعة الطاقية، كما أنشأت وحدة مركزية لمتابعة التنفيذ وضمان جودة الأشغال.

إلا أن هذه البيانات الرسمية لا تُغطي كامل الصورة، خصوصاً أن الشفافية والمساءلة هما الأساس لضمان أن تكون هذه الاستثمارات في خدمة المواطن أولاً، وليس مجرد رموز معمارية.

في الوقت الذي يسعى فيه المغرب إلى تطوير أماكن العبادة، يظل السؤال الأكبر: هل يمكن الجمع بين الاستثمار الضخم في المشاريع الدينية والرقابة الحقيقية على المال العام؟ وهل ستسمح الظروف الحالية لأي مراقب أو مختص بمراجعة المسار المالي والفني للصفقة؟

الموضوع يفتح نقاشاً أوسع حول أولويات الاستثمار العمومي: بين بناء المعالم الدينية الضخمة وبين ضمان استفادة المواطنين من المال العام في تحسين الخدمات الأساسية والظروف المعيشية، في سياق اقتصادي واجتماعي حساس.