المغرب بين مطرقة الفساد وسندان الفوارق الاجتماعية: أزمة تهدد استقراره وتنميته.

يواجه المغرب تحديين رئيسيين يعوقان تقدمه نحو التنمية الشاملة، رغم ما يتمتع به من مؤهلات اقتصادية وطبيعية وبشرية هائلة. هذان التحديان هما الفساد المستشري والفوارق الاجتماعية المتزايدة، اللذان يكبلان طموحات الشعب المغربي في العيش الكريم، ويعيقان مسار البلاد نحو الازدهار.

يواصل الفساد في المغرب بسط نفوذه على مختلف مناحي الحياة، حتى بات يشكل منظومة متكاملة لها شبكاتها ومؤسساتها، تحمي الفاسدين وتمنحهم سلطة التحكم في القرار العام. وعلى الرغم من محاولات مكافحته، إلا أن الإجراءات المتخذة تظل محدودة أمام حجم انتشاره. فقد أصبح المال المنهوب وسيلة للإثراء غير المشروع، وكسب النفوذ، والإفلات من العقاب، مما يجعل التنمية رهينة لمصالح فئة قليلة تستفيد من الامتيازات، بينما تعاني باقي شرائح المجتمع من تداعيات الفساد.

بالتوازي مع الفساد، تتزايد الفوارق الاجتماعية في المغرب، حيث تتسع الهوة بين الأثرياء والفقراء، ما يهدد التماسك الاجتماعي. الطبقة المتوسطة، التي كانت تشكل ركيزة الاستقرار، تتآكل تدريجياً بسبب القرارات الاقتصادية غير العادلة، بينما تزداد ثروات أقلية محدودة تحت مظلة الامتيازات. في المقابل، ترزح شرائح واسعة من المغاربة تحت وطأة الفقر والغلاء، دون أن تتمكن من الاستفادة من خيرات البلاد.

إن استمرار هذه الأوضاع ينذر بتداعيات خطيرة على الاستقرار في المغرب، حيث تتزايد مشاعر السخط الشعبي، سواء عبر احتجاجات مباشرة أو تعبيرات غاضبة على منصات التواصل الاجتماعي. فحين يشعر المواطن المغربي بأنه محروم من حقوقه في وطنه، بينما يتمتع غيره بكل الامتيازات، يصبح الغضب الشعبي مسألة وقت لا أكثر.

إن المغرب بحاجة ماسة إلى إصلاحات جذرية تعيد التوازن الاجتماعي، وتضمن توزيعاً عادلاً للثروات. يجب أن تكون محاربة الفساد أولوية حقيقية، لا مجرد شعارات، كما يجب وضع سياسات اقتصادية تحمي الفئات الهشة، قبل أن تصل الأوضاع إلى نقطة اللاعودة. فالشعب المغربي يستحق العيش بكرامة، ولا يمكن أن يستمر في تحمل الأعباء وحده، بينما تستأثر أقلية بالثروات والامتيازات.