المغرب.. فوضى عمرانية بطنجة: تجزئة سكنية تتحول إلى مشروع تجاري وسط صمت السلطات.

تعيش إحدى التجزئات السكنية بمدينة طنجة، شمال المغرب، حالة من التوتر بسبب تحويل مساحة مخصصة للمرافق العامة إلى مشروع تجاري خاص، وسط تجاهل السلطات المحلية لمطالب السكان المتضررين. القضية تفجرت بعد قيام المنعش العقاري بتغيير طبيعة وعاء عقاري مخصص لفضاء ألعاب الأطفال، وتحويله إلى ملعب لرياضة البادل، ومقهى، وقاعة رياضية مغلقة، مما أخلّ بتصميم التجزئة وأضر بالساكنة.

بحسب وثائق حصلت عليها مصادر محلية، فإن القطعة الأرضية المتنازع عليها كانت مسجلة كملك مشترك بين سكان التجزئة، وهو ما أكدته الوكالة الحضرية في رد رسمي، مشيرة إلى أن أي بناء عليها يعد غير قانوني. ورغم هذا الموقف الواضح، إلا أن المنعش العقاري تمكن من تسجيل العقار باسمه وتحويله إلى مشروع استثماري خاص، في سابقة تطرح علامات استفهام حول دور المحافظة العقارية والسلطات المحلية في المغرب.

المثير أن السكان لم يقفوا مكتوفي الأيدي، فقد تقدموا بعدة شكايات إلى والي جهة طنجة تطوان الحسيمة منذ أكتوبر الماضي، كما راسلت الوكالة الحضرية السلطات المحلية مطالبة بإعادة الوضع إلى ما كان عليه. لكن، بعد مرور أكثر من أربعة أشهر، لم يتم اتخاذ أي إجراء ملموس، ما أدى إلى تصعيد الموقف بين السكان والمنعش العقاري.

الفضاء الترفيهي، الذي شُيّد بطريقة غير قانونية، لم يقتصر فقط على ملعب البادل، بل تحول إلى مقهى ومطعم يتم استغلاله تجاريًا بمقابل شهري يُقدر بحوالي مليونَي ونصف سنتيم، ما حول التجزئة السكنية إلى فضاء عام مفتوح يتسبب في الإزعاج والتلوث السمعي للسكان. ورغم احتجاجات القاطنين، فإن السلطات المحلية في المغرب لم تتحرك إلا منتصف شهر رمضان، مما يطرح تساؤلات حول سبب التأخر في التدخل.

في المقابل، يرى مصدر مقرب من الشركة العقارية أن القضية ليست سوى محاولة لتصفية حسابات، مدعيًا أن أحد السكان كان يرغب في شراء الملعب، وبعد فشله في ذلك بدأ يحرض الجيران بحجة عدم قانونية البناء. كما أشار إلى أن المشروع حصل لاحقًا على تصاميم تعديلية ورخصة استغلال، مؤكدًا أن التوقيت القانوني للإغلاق محدد في التاسعة مساءً.

هذه الواقعة تعكس بشكل واضح حجم الفوضى العمرانية التي تعيشها مدينة طنجة بالمغرب، حيث تتحول الأملاك المشتركة إلى مشاريع خاصة بقدرة قادر، بينما تغيب الشفافية في اتخاذ القرارات العقارية. ويبقى السؤال الأهم: هل ستتحرك السلطات المغربية لإنصاف الساكنة وتطبيق القانون، أم أن النفوذ العقاري سيحسم المعركة لصالحه، كما حدث في قضايا مماثلة؟