المغرب.. وثائق رسمية تكشف فضيحة توظيف تهز المعهد العالي للفن المسرحي وتورط بنسعيد في مرمى التساؤلات.

الوطن24/ الرباط
تتفاعل قضية مثيرة للرأي العام الثقافي في المغرب، بعد تسرب وثائق رسمية تُظهر مؤشرات خطيرة على تضارب المصالح واستغلال المنصب داخل المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، عقب إعلان نتائج مباراة توظيف أستاذ من الدرجة “أ” فازت بها المديرة الحالية للمعهد لطيفة أحرار.
الوثائق الصادرة عن وزارة الشباب والثقافة والتواصل توضح بجلاء أن الإعلان عن المباراة تم بتاريخ 27 ماي 2025، في حين أن لطيفة أحرار لم تناقش أطروحتها لنيل الدكتوراه إلا يوم 5 يوليوز 2025، أي بعد أكثر من شهر من فتح باب الترشيحات، مما يثير تساؤلات قانونية جدية حول مدى أهليتها للمشاركة في المباراة التي تشترط صراحة الحصول على شهادة الدكتوراه أو ما يعادلها عند الإيداع.
وحسب الإعلان الرسمي للمباراة، فإن التخصص المطلوب هو “دراسات سينمائية وسمعية-بصرية ومسرحية”، فيما حُدد آخر أجل لإيداع الملفات في 31 يوليوز 2025. بعد ذلك، أعلنت الوزارة يوم 23 أكتوبر 2025 عن النتائج النهائية، والتي أدرجت اسم لطيفة أحرار في المرتبة الأولى متفوقة على مترشحين آخرين هما محمد العيني وخديجة فطواكي المدرجان في لائحة الانتظار.


مصادر أكاديمية وصفت الواقعة بأنها “سابقة خطيرة في تاريخ القطاع الثقافي”، معتبرة أن المديرة كانت في وضعية تضارب مصالح واضحة، كونها مسؤولة عن المؤسسة التي احتضنت المباراة، وقد تكون شاركت في وضع تفاصيلها أو التأثير في مسارها.
وتساءل عدد من المهتمين بالشأن الثقافي عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
من عيّن اللجنة المشرفة على الانتقاء؟
وهل احترمت شروط التباري الأكاديمي؟
وأين موقف الوزارة من شكاوى المنافسين؟
وفي تدوينة لأحد الكتّاب المغاربة، اعتبر أن “الأمر لا يحتمل الصمت، ومن الواجب الأخلاقي أن يتدخل الوزير محمد المهدي بنسعيد لتوضيح الملابسات، لأن الوزارة المعنية تُحسب عليه مباشرة، وأي تهاون يعني ضرب مبدأ تكافؤ الفرص في العمق”.
كما دعا فاعلون ثقافيون هيئة النزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها برئاسة محمد بنعليلو إلى التحرك وفتح تحقيق نزيه وشامل، مؤكدين أن القضية تمثل “اختبارًا حقيقيًا” لمدى التزام المغرب بمحاربة الفساد الإداري داخل مؤسساته العمومية.
وربما يتجاوز التوضيح والقرار وزارة الشباب والثقافة والتواصل عندما تأتي التعليمات من جهات أخرى تقف وراء التعيين/الفضيحة الأول ثم الإسناد/الفضيحة الثاني، تلك الارتباطات والتشابكات العابرة للقطاعات الحكومية ومنهج التحكم الذي يستبد بقرارات ذات اختراق عالي الدرجة، يستبيح مصداقية مؤسسات عمومية من حجم الجامعات المغربية. مؤسسات باتت مخترقة من قبل لوبيات تعمل بالليل والنهار لفرض بروفايلات تتماهى مع رؤيتها لثقافة وتواصل ومسرح وقيم غريبة عن الهوية المغربية، وتبتعد تدريجيًا عن تقاليد الجامعة الوطنية لتؤسس لمرحلة تعزل قراراتها وتجعلها في غربة عن محيطها العلمي والمعرفي. في هذا السياق تحدث مثل هذه الفضائح، حيث تعتبر لطيفة أحرار جزءًا من نموذج ما فتئ ينغرس في جسم الجامعة المغربية ويشكل حلقة من حلقات الاختراق الأجنبي لثقافة المغرب.
ورغم تداول الوثائق وتزايد الضغط الإعلامي، لم تصدر وزارة الشباب والثقافة والتواصل أي بلاغ رسمي لتوضيح موقفها من الموضوع، ما زاد من حدة الشكوك حول طريقة تدبير المباراة ونتائجها.
رأي الوطن24
تعتبر الوطن24 أن هذه الواقعة تمسّ جوهر الثقة بين المواطن والدولة، وتضع الوزير بنسعيد أمام امتحان الشفافية والمساءلة.
فالسكوت في مثل هذه الملفات ليس حيادًا، بل تواطؤ غير معلن مع الفساد، خصوصًا حين يتعلق الأمر بمؤسسات أكاديمية يفترض أن تكون نموذجًا للنزاهة والاستحقاق.
وإلى أن يتم توضيح الحقائق وفتح تحقيق رسمي، تبقى هذه “الفضيحة” عنوانًا صارخًا على أزمة الحوكمة داخل القطاع الثقافي بالمغرب.
