المغرب ورهان الجهوية المتقدمة: هل تُعيق النخب الحالية تحقيق التنمية؟

الوطن24/ طنجة
في ظل الحديث المتزايد عن التنمية المستدامة ورهان الجهوية المتقدمة، تواجه المغرب تحديات حقيقية تتعلق بتأهيل النخب وتحديث آليات تدبير الجماعات الترابية. فرغم الطموحات الكبيرة التي يعلقها المغاربة على هذا الورش الإصلاحي، إلا أن غياب الكفاءة لدى بعض المسؤولين، واستمرار مظاهر الفساد، يثير التساؤلات حول قدرة الجهات والجماعات على تنفيذ برامج التنمية بفعالية.

الكفاءة في مهب الريح
من المفترض أن تكون التنمية المحلية قائمة على التخطيط والمعرفة، إلا أن العديد من الجماعات الترابية تُدار بعقلية بدائية، في غياب رؤية استراتيجية واضحة. الواقع يكشف أن عدداً من المسؤولين المحليين يفتقرون إلى المؤهلات العلمية والعملية اللازمة لتسيير شؤون المواطنين. هذه الفجوة بين متطلبات التنمية وواقع التسيير تعرقل الجهود المبذولة لتحسين ظروف العيش في الجهات المختلفة.

القوانين الانتخابية: حاجة ماسة للإصلاح
القوانين الانتخابية الحالية تُعتبر أحد أبرز التحديات التي تعيق إفراز نخب قادرة على مواكبة تحديات الجهوية المتقدمة. شروط الترشح للمناصب والآليات المعتمدة في العملية الانتخابية تفتح المجال أمام أشخاص يفتقرون للخبرة والمعرفة اللازمتين. إصلاح هذه القوانين أصبح ضرورة ملحة لضمان التمثيل الأمثل للمواطنين وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تنمية حبيسة الورق
رغم التوصيات الطموحة التي خرجت بها المناظرة الوطنية الثانية حول الجهوية المتقدمة، يظل التنفيذ على أرض الواقع ضعيفاً. بعض الجماعات الترابية تبدو بعيدة كل البعد عن الالتزام بأي برنامج وطني للتنمية. هذا التناقض بين التخطيط المركزي والواقع المحلي يؤدي إلى تعثر المشاريع وإهدار الموارد، بينما تبقى تطلعات المواطنين مجرد أحلام مؤجلة.

فساد يُعيق التقدم
لا يمكن الحديث عن التنمية في ظل نخب فاسدة تضع مصالحها الشخصية فوق كل اعتبار. استمرار هذه الظاهرة يهدد مستقبل الجهوية المتقدمة ويجعل من الصعب تحقيق الأهداف التنموية التي يحتاجها المغرب. الإصلاح الحقيقي يبدأ بمحاسبة الفاسدين، ووضع آليات صارمة تضمن الشفافية والنزاهة في إدارة الشأن العام.

الأمل في الإصلاح
رغم هذه التحديات، لا يزال الأمل قائماً لتحقيق الأهداف المنشودة. الحل يكمن في تعزيز التكوين والتأهيل لفائدة المسؤولين المحليين، وإعادة النظر في القوانين الانتخابية لضمان إفراز نخب كفؤة. كما يجب أن تكون هناك إرادة سياسية قوية لمواجهة الفساد وتحقيق العدالة المجالية.
المغرب قادر على كسب رهان الجهوية المتقدمة إذا ما تم تجاوز العراقيل الحالية. الإصلاح يبدأ بإشراك الكفاءات ومحاربة الفساد، لأن التنمية لا تتحقق إلا بقيادات تؤمن بالتغيير وتعمل بجد لتحقيقه.