المفكر المغربي الكنبوري يشكو التضييق والحصار
الوطن 24/ الرباط
استغرب المفكر المغربي الدكتور إدريس الكنبوري من إقحام اسمه من قبل “جبهة مناهضة التطرف والإرهاب” بخصوص حادثة تدنيس النصب التذكاري للوزير الأول الأسبق عبد الرحمن اليوسفي بمدينة طنجة، لمحاولة التضيق عليه والترهيب بسبب مواقفه من التعبير عن رأيه.
وفي هذا الصدد قال المفكر الكنبوري في بيان للرأي العام الوطني والدولي توصلت جريدة الوطن24 بنسخة منه جاء فيه:
تلقيت ببالغ الدهشة والاستغراب، يومه الإثنين أول يونيو 2020، البيان الذي أصدرته المسماة”جبهة مناهضة التطرف والإرهاب”، حول حادثة تدنيس النصب التذكاري للوزير الأول المغربي الأسبق عبد الرحمان اليوسفي، الذي وافته المنية يوم 29 ماي 2020 بالدار البيضاء. فقد تم حشر إسمي في البيان بطريقة غير أخلاقية وكيدية وانتقامية، حيث تم اتهامي بأنني قمت بـ”التحريض” ضد المرحوم اليوسفي، وذلك بسبب ما كتبته في صفحتي على الفيسبوك من آراء حول الحقبة السياسية التي عاشها، والمسؤولية الحكومية التي تولاها خلال الفترة ما بين 1998 ـ 2002.
ومنذ أن عبرت عن مواقفي تلقيت سيلا من الاتهامات والتحريض في مواقع التواصل الاجتماعي، من أشخاص ينتمون إلى تيار بعينه، هو التيار الذي تحسب عليه “الجبهة” المزعومة، وهو ما جعلني أستنكر ذلك أمس 31 ماي 2020 في صفحتي على الفيسبوك، قبل اطلاعي على بيان”الجبهة” يوم الإثنين.
ولقد تصورت عندما رأيت البيان أن “الجبهة” سوف تستنكر التحريض والكراهية الذي يمارسه البعض ضد المقدسات الدينية للمغاربة، وقيمهم الإسلامية، ولكن مفاجأتي كانت أكبر عندما علمت بأن “الجبهة” تفهم ذلك على أنه تعبير عن الرأي لا يجوز المساس به.
لقد هالني بالفعل الزج باسمي الشخصي الذي أكتب به وأُعرف به بين المواطنين، وأنشر به مقالاتي وكتبي، لأن ذلك يعد تحريضا حقيقيا ومباشرا، وتمييزا تجاهي، يمكن أن أتعرض بسببه إلى الانتقام من بعض المتطرفين من التيار المؤسس للجبهة، أو من المتعاطفين معهم.
وإنني أؤكد أن ما كتبته في حق اليوسفي يدخل ضمن مزاولة حريتي الشخصية، كصحفي سابق عاش مرحلة حكومة التناوب التي تولاها اليوسفي، وكتب عنها في المنابر الوطنية والعربية والدولية وقتها، مما لا يزال شاهدا على مواقفي من تلك التجربة، وكذلك كمفكر وروائي لا علاقة له بالعمل الحزبي المباشر، اللهم العمل السياسي الذي يخوله الدستور لكل مواطن، والذي أمارسه من خلال مواقفي الفكرية والثقافية، بالتزام وطني وخارج أي التزام حزبي.
وإنني لأستغرب غاية الاستغراب من الأسلوب المتطرف والإرهابي الذي صيغ به البيان، الفاقد لأي مسحة أخلاقية وأي حس وطني. فقد اتهمني كاتبو البيان بأنني أساند “حركات تنظر وتدعم الإرهاب”، وبأنني أحرض على الكراهية، وبأن هذا التحريض والكراهية ظهرا في المغرب “منذ ترأس أحد تيارات الإسلام السياسي الأغلبية الحكومية”، ومكمن الاستغراب ربط التعبير عن الرأي بالكراهية، فأي كراهية في تعبير مثقف مغربي عن رأيه كمواطن كامل المواطنة؟ وإذا كان هذا التيار المقصود به حزب العدالة والتنمية كحزب سياسي وطني يمارس الإرهاب فهل صوت المغاربة عام 2011 على الإرهابيين؟ وهل الدعم الذي قدمه جلالة الملك محمد السادس حفظه الله للحكومة كان رعاية للإرهاب؟ وهل العناية الشخصية الكريمة التي لا يزال جلالته يحيط بها رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران عناية بشخص إرهابي؟.
وقد اتهمني البيان، في مفارقة عجيبة تكشف اختلال الموازين والإحباط، بأنني قمت بالمقارنة بين اليوسفي وبين بنكيران، وهذا من أغرب الغرائب. فأي جريمة في أن أقارن بين الرجلين؟ إن من حقي كمواطن ومناضل على الجبهة الفكرية والثقافية أن أقارن بين من أشاء، وأن أصدر حكمي على اليوسفي أو بنكيران أو أي شخص تولى المسؤولية في بلدي سلبا أو إيجابا، وإن ما جاء في البيان الإرهابي هو محاولة لإحياء تقاليد محاكم التفتيش في البلد المجاور لنا، إسبانيا.
إنني أعرف السياق الذي تأسست فيه المسماة “جبهة مناهضة التطرف والإرهاب”، وهو سياق لا يخفى على أحد، هدفه خلق استقطاب في المغرب بين صنفين من المغاربة، ومحاربة أي كلمة حرة تدافع عن القيم الوطنية الدينية ومحاصرتها والتحريض ضدها، تحت دعوى باطلة ومفضوحة، وهي أنها تعبر عن التطرف والإرهاب. وإنني كباحث ومفكر معروف في المغرب وخارجه، متخصص في التطرف والإرهاب، ولدي كتابات ومؤلفات فيه، لا أعرف تطرفا وإرهابا أكثر مما مارسته الجبهة المزعومة من خلال البيان الملغوم.