النفط يهبط عالمياً.. والزيادات مستمرة في محطات المغرب.

الوطن24/ خاص
في مفارقة صارخة، تواصل أسعار المحروقات في المغرب منحاها التصاعدي، على الرغم من تسجيل أسعار النفط الخام في الأسواق الدولية انخفاضاً جديداً. هذه الهوة بين الأسعار العالمية والواقع المحلي تعمّق استياء المستهلك المغربي، وتعيد إلى الواجهة نقاش تحرير القطاع وآليات الضبط والمحاسبة.
ففي آخر جلسة تداول ليوم الجمعة، تراجع سعر خام برنت بـ22 سنتاً ليصل إلى 68.58 دولاراً للبرميل، كما انخفض خام غرب تكساس الوسيط بـ12 سنتاً ليستقر عند 66.88 دولاراً. ويعزى هذا الانخفاض إلى انحسار التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وتوقعات بزيادة في إنتاج الخام من كبار المنتجين.
لكن هذه المؤشرات لم تنعكس على السوق المغربية. فقد شهدت محطات الوقود مع مطلع شهر يوليوز الجاري زيادات جديدة في أسعار البنزين والغازوال، هي الثانية من نوعها منذ بداية يونيو، دون أن تقدم الحكومة أي توضيحات رسمية، وسط صمت مجلس المنافسة وتردد في تفعيل آليات الرقابة.
خبير اقتصادي: المواطن رهينة تسعيرة غير شفافة
وفي اتصال مع أحد الخبراء الاقتصاديين، أكد أن “السوق المغربية تُظهر نوعاً من الجمود في التفاعل مع تقلبات السوق الدولية. حين يرتفع سعر البرميل، ترتفع الأسعار محلياً في ظرف 24 ساعة، لكن حين ينخفض، لا يكون هناك أي أثر مباشر على المستهلك، وهذا غير عادل”.
وأضاف: “تحرير الأسعار لا يعني إطلاق العنان للمضاربة. كان من المفترض أن يواكَب هذا التحرير بضمانات قانونية ومؤسسات رقابية فاعلة، لكن ما حدث هو تفويت مسؤولية الدولة دون تأطير فعلي للمنافسة أو حماية القدرة الشرائية للمواطنين”.
من بنكيران إلى أخنوش.. إصلاحٌ لم يكتمل
ويُعيد هذا الجدل قرار حكومة عبد الإله بنكيران سنة 2015 إلى الواجهة، حين أعلنت عن تحرير أسعار المحروقات، بدعوى ترشيد الدعم وتخفيف العبء على ميزانية الدولة. غير أن السنوات التي تلت القرار أظهرت غياب الشروط الضرورية لإنجاح الإصلاح، من شفافية السوق إلى تحفيز المنافسة وضبط هوامش الربح.
أما حكومة عزيز أخنوش، التي وعدت عند تنصيبها بمراجعة شاملة لملف المحروقات، بما في ذلك تسقيف الأسعار وتفعيل دور مجلس المنافسة، فتبدو إلى حدود الساعة عاجزة عن تنزيل أي من هذه الوعود. ومع كل زيادة جديدة، تتسع الهوة بين خطاب الإصلاح وتطلعات الشارع.
خاتمة
وفي الختام، نستطيع أن نقول إن استمرار ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب، رغم تراجعها عالمياً، يكشف عن اختلالات عميقة في منظومة التسعير وغياب الانسجام بين السياسات الحكومية وتطلعات المواطنين. وبين وعود الإصلاح وصمت المؤسسات، يبقى المواطن المغربي هو من يؤدي الثمن، في انتظار أن تستعيد الدولة دورها في حماية القدرة الشرائية وضمان العدالة الاقتصادية.