بنعليلو:الحق في المعلومة مبدأ ناظم للإدارة الرشيدة ومقوم أساسي للبناء الديمقراطي
الوطن 24/متابعة: طارق المومني .
نظمت لجنة الحق في الحصول على المعلومات والمعهد العالي للإعلام والاتصال، ندوة وطنية حول موضوع “الممارسات والملاءمة مع القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات: أي مساهمة للإعلام الوطني؟”وذلك في إطار تخليد اليوم العالمي للحق في الحصول على المعلومة ، بمدينة الرباط يوم يوم 28 أكتوبر 2020 .
وقال محمد بنعليلو، وسيط المملكة، في كلمة بالمناسبة :
السادة الحضور الكريم؛
اسمحوا لي أن أقدم بدوري الشكر للمنظمين، أولا: على ما تم تخصيصه لنا من فضاء مناسب بدلالات رمزية، لتبادل الرأي وتقاسم الأفكار في موضوع على درجة كبيرة من الراهنية،
وثانيا: لدقة وأهمية الموضوع المطروحة للنقاش، موضوع آثرت دائما أن أسميه بالجيل الجديد من المبادئ المؤطرة لعملنا كإدارات، كمؤسسات وكهيئات، وكمجتمع…
أهمية تتأسس في تقديرنا على اعتبار هذا الموضوع متلازم ومتكامل مع مبادئ أخرى بحيث لا شفافية ولا حكامة بدون الحق في المعلومة، ومتقاطع مع مبادئ أخرى (الحق في الخصوصية)، وداعم ومعزز لمبدئ أشمل هو مبدأ المحاسبة.
السيدات والسادة
إننا في مؤسسة وسيط المملكة، نعتبر أن الحق في المعلومة، مبدأ ناظم لأداء الإدارة الرشيدة، ومؤطر لاستيعاب مفهوم شفافية الممارسات الارتفاقية، وبالتالي مقوم أساسي للبناء الديموقراطي؛
نعم قد تختلف مؤسساتنا وإداراتنا من زاوية الاختصاص الدستوري أو القانوني أو التنظيمي، ولكننا لن نختلف في هذا الموضوع، لن نختلف في ضرورته لإدارة رشيدة منفتحة، لن نختلف في أنه التزام مؤطر لأدائنا الداخلي قبل البحث عنه في أداء غيرنا، ولن نختلف أيضا في أنه التزام واجب التطبيق مهما ضاق مجال اختصاصات مؤسساتنا أو اتسع.
إن مؤسسة وسيط المملكة، كما تنظر إلى الشفافية باعتبارها سلوك تدبيري كفيل بوضع حد لبعض الممارسات المطبوعة بالاختباء خلف جدار الصمت، أو الحفاظ على السر المهني أو دواعي السلطة التقديرية، أو ثقافة “ملكية القرار”…، وكما تنظر إلى الحكامة باعتبارها تجسيد ملموس للتدبير السليم للشأن العام وأداة فعَّـــــــالة لإدارة الحياة العامة، فإنها تعتبر الحق في المعلومة مكون أساسي لبلورة تصور رقابي يعكس الصورة الحقيقية لواقع سير المرفق العمومي.
وعموما فإن مؤسسة وسيط المملكة لها علاقة ثلاثية الأبعاد بموضوع الحق في المعلومات:
البعد الأول: تجسده المادة 23 من القانون 31.13، الذي يجعل من ممثل الوسيط عضوا في لجنة الحق في الحصول على المعلومات، ومؤسسة الوسيط بذلك مساهم ومتفاعل مع ما تبلوره اللجنة من تصورات، وما تقره من ممارسات، وما تباشره من اختصاصات؛
البعد الثاني: يجسده خضوع المؤسسة للمقتضيات القانونية المتعلقة بالنشر الاستباقي وإجراءات الحصول على المعلومة، ويمكنني تأكيد انخراط المؤسسة في الأمر بل وحرصها على ملاءمة مساطر إنتاج المعلومة وتخزينها لمتطلبات تيسير الحصول عليها.
البعد الثالث: يجسده اختصاص مؤسسة وسيط المملكة في ضمان الحق في الولوج إلى جزء من المعلومة، “أو ما نسميه في نظامنا الداخلي بتيسير الولوج إلى المعلومة الإدارية” متى توفرت في طالبها شروط المصلحة الشخصية المشروعة والمباشرة.
وهي الأبعاد التي استغرقها مخططنا الاستراتيجي منذ قرابة السنتين.
ملحوظة:
– خلافا لمتطلبات شرط المواطنة، أو شرط الإقامة مع وجود إطار اتفاقي بالنسبة للأجنبي المنصوص عليه في المادة 3 و4، يبقى من حق المرتفق بغض النظر عن جنسيته المطالبة بمعلومة إدارية تهمه أمام مؤسسة الوسيط؛
– خلافا لإطلاقية الهدف من الحصول على المعلومة، في القانون 31.13 فإن الحصول على المعلومة الإدارية أمام مؤسسة الوسيط مشروط بتحديد الغرض منها، وأن تكون لها علاقة بملف أو قضية تهم الطالب.
– إذا كانت المعلومة الإدارية المطلوبة تكتسي صبغة سرية، وترتب عن عدم تسليمها ضرر للطالب، طلب الوسيط من الإدارة المعنية اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لجبر هذا الضرر.
وفي ختام هذه الكلمة المقتضبة اسمحوا لي أن أبدي الرأي أيضا في موضوعين اثنين، موضوع “نطاق الحق ونطاق الاستثناء”، وموضوع “مساهمة الإعلام الوطني” فأقول:
– أولا: يجب أن ننظر لموضوع الحق في المعلومة في نطاق مجال متسع، مجال يحده من جانب “الحد الأقصى من المكاشفة” ويحده من جانب آخر “الحد الأدنى من السرية”، مجال نتطلع أن يؤسس بالاستناد إلى فهم منصف منسجم مع روح النص في التعامل مع الاستثناءات، ونعتقد أن للجنة ومن بعدها للقضاء الإداري الدور الكبير في تكريس المفهوم المتطور للنص في مجال تقدير الاستثناءات، وللقضاء الجنائي نفس الدور أيضا، لكن في إعطاء مدلول أضيق لمفهوم الإساءة أو الإضرار بالمصلحة العامة أو المساس بحقوق الأغيار.
– ثانيا: أعتقد أنه أيا كان النقاش الدائر حول الموضوع، في شأن علاقة المعلومة الصحفية والحق في الخبر، بالحق في الحصول على المعلومة، والذي سأستمع إليه بكل اهتمام، وأيا كانت المبررات المقدمة للعزوف عن اللجوء لممارسة هذا الحق، فإنني أعتقد أن تفعيله من طرف السيدات والسادة نساء ورجال الإعلام من شأنه أن يدفع في اتجاه خلق الممارسات المتطورة التي ستؤسس لا محال لسوابق قضائية أو اجتهادية مؤطرة.
شكرا لاهتمامكم
محمد بنعليلو وسيط المملكة