في قلب المغرب.. عبد الإله بن كيران يصف عزيز أخنوش بـ”الشـفّار”: صدام سياسي مفتوح أم أزمة ثقة؟

الوطن24/ الرباط
في تصريح مثير أثار موجة من الجدل داخل الأوساط السياسية المغربية، وجّه عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، اتهاماً مباشراً لرئيس الحكومة الحالي، عزيز أخنوش، واصفاً إياه بعبارة لافتة: “انـت شـفــار”.
التصريح الذي تم توثيقه في شريط فيديو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي، جاء خلال لقاء حزبي، حيث انتقد بن كيران بشدة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب، مشيراً إلى ما اعتبره “احتكاراً للثروة وسوءاً في تدبير المرحلة”.
وتساءل بن كيران عن مدى إمكانية الجمع بين المسؤولية الحكومية والمصالح الاقتصادية الخاصة، قائلاً إن “رئيس الحكومة لا يمكن أن يكون تاجر محروقات يتحكم في الأسعار، ثم يُطلب من المواطنين أن يثقوا فيه”.
خطاب ناري أم توجيه اتهامات بلا أدلة؟
من وجهة نظر عدد من المحللين، فإن خرجة بن كيران تعكس محاولة لإعادة تموقع سياسي لحزب العدالة والتنمية بعد هزيمته الثقيلة في انتخابات 2021، من خلال تبني خطاب شعبوي يعبر عن غضب فئة واسعة من المغاربة المتضررين من الغلاء وتراجع القدرة الشرائية.
تصريحات بن كيران ليست ظاهرة معزولة عن سياق سياسي متوتر، يشهد احتقاناً اجتماعياً متصاعداً بسبب تدهور الحالة الاقتصادية والانهيار المتنامي للقدرة الشرائية، وسط التهاب مستمر للأسعار وازدياد نسب الفقر. كما تتوارد تقارير عن تلاعبات في صناديق الدعم، واختلالات في عدد من الصناديق العمومية، مع تنامي السخط الشعبي نتيجة عدم تحقق البرامج الاجتماعية الحكومية على أرض الواقع، مما شكّل خيبة أمل لدى شرائح واسعة من المجتمع المغربي. هذه الأوضاع تتقاطع مع الخرجات الحزبية والنقابية والشعبية التي تجسد عدم الرضا عن الأداء الحكومي، وتعمّق الشعور بعزلة هذا التدبير عن نبض الشارع، في وقت تتفاقم فيه الأزمات، وتواصل قلة من الأثرياء مراكمة الثروات على حساب عموم الشعب. ويضع كثيرون رئيس الحكومة في موضع تضارب مصالح، باعتباره في حالة تنافٍ بين مسؤولياته الحكومية ومصالحه الاقتصادية، وهو أمر يعتبرونه منافياً للأخلاق السياسية ومتناقضاً مع مبادئ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. من هذا المنطلق، لا يجب الاستهانة بهذه التصريحات، بل يجب الوقوف عندها لتصحيح ما يمكن تصحيحه، خاصة وأن منسوب التوتر والاحتقان الاجتماعي في تصاعد مقلق، ينذر بعواقب تهدد السلم الاجتماعي في المغرب.
ردود فعل متباينة وصمت حكومي
ورغم أن رئيس الحكومة لم يصدر أي رد رسمي على اتهامات بن كيران، إلا أن عدداً من قيادات حزب التجمع الوطني للأحرار أدانوا التصريحات بشدة، واعتبروها “انزلاقاً خطيراً وغير مسؤول”. وأشار أحد البرلمانيين عن الحزب إلى أن “بن كيران اختار لغة التصعيد بدل المساهمة في النقاش المؤسساتي البناء”.
من جهة أخرى، تباينت ردود فعل الشارع المغربي حول الموضوع، بين من يرى أن كلام بن كيران يعكس “إحباطاً شعبياً مشروعاً من الأوضاع الحالية”، وبين من يعتبر أن “الخطاب السياسي يجب أن يرتقي فوق الاتهامات المباشرة ويقدم بدائل واقعية”.
المغرب بين ضرورات الاستقرار وحدود حرية التعبير السياسي
في الوقت الذي يواجه فيه المغرب تحديات اقتصادية واجتماعية كبرى، تبقى الحاجة ملحّة إلى خطاب سياسي مسؤول ومتزن، يراعي دقة المرحلة وحساسية الظرف الاجتماعي. ومع تصاعد حدة الخطاب السياسي، يبدو أن البلاد قد تكون مقبلة على مرحلة جديدة من التوتر، ما لم تُدبّر الخلافات داخل المؤسسات، وبالطرق القانونية التي تحترم الإرادة الشعبية وتخدم الصالح العام.