بين حلم تنظيم كأس العالم وواقع الإدارات العمومية في المغرب: أين المواطن من المعادلة؟

ونحن نحلم بتنظيم كأس العالم في المغرب، تتجه الأنظار إلى الملاعب الضخمة، الفنادق الفاخرة، والبنية التحتية التي تضع بلادنا على الخريطة العالمية. ولكن خلف هذا الحلم الكبير، يواجه المواطن المغربي واقعًا مختلفًا في حياته اليومية، حيث تكشف زيارة بسيطة لإحدى الإدارات العمومية عن تحديات حقيقية لا يمكن تجاهلها. فهل يمكن لدولة تطمح لاستقبال أكبر حدث رياضي في العالم أن تتجاهل المشاكل البيروقراطية التي تعرقل حياة مواطنيها؟

لنتخيل أن هذا الحدث الضخم أصبح حقيقة. مئات الآلاف من المشجعين يتدفقون إلى المدن المغربية، كل شيء يبدو جاهزًا، من الملاعب اللامعة إلى الفنادق ذات الخمس نجوم. ولكن ماذا عن الإدارة؟ ماذا عن المواطن الذي يقف لساعات طويلة في طوابير الانتظار لإتمام معاملة بسيطة؟ هنا، يطرح السؤال نفسه: هل المغرب مستعد لاستضافة العالم إذا كان مواطنوه ما زالوا يعانون في أبسط حقوقهم اليومية؟

بينما نرسم خريطة الطرقات الجديدة ونبني منشآت رياضية عالمية، يجب أن نتوقف للحظة ونسأل أنفسنا: هل هذه التنمية تشمل جميع المغاربة؟ هل نولي اهتمامًا كافيًا بتطوير التعليم، الصحة، والخدمات الإدارية؟ تنظيم كأس العالم لا يتطلب فقط منشآت رياضية، بل منظومة متكاملة تشمل كل ما يهم المواطن والزائر على حد سواء.

إذا أردنا حقًا أن نفخر بتنظيم هذا الحدث العالمي، فعلينا أن نبدأ ببناء الإنسان قبل بناء الملاعب. كأس العالم يجب أن يكون فرصة لتحفيز إصلاحات جذرية في الإدارة والخدمات العامة، لنجعل من هذا الحلم حافزًا لتحسين جودة حياة كل مغربي. لأن النجاح الحقيقي ليس في استضافة العالم فقط، بل في تقديم نموذج حضاري يجعل كل مواطن يشعر بقيمته في وطنه.

في النهاية، كأس العالم ليس مجرد حدث رياضي، إنه اختبار لقدرتنا على تقديم الأفضل. ولتحقيق هذا النجاح، يجب أن نبدأ من الأساس: بناء إدارة عمومية قوية، تعليم جيد، ونظام صحي متين. فقط عندها، يمكننا أن نقول بثقة: المغرب جاهز لاستقبال العالم.