تحولات كبرى في سوريا: أوروبا تدعم الانتقال السياسي بعد سقوط الأسد

في خطوة تعكس تحولاً بارزاً في المشهد السياسي السوري، التقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، اليوم الجمعة، وزيري خارجية فرنسا وألمانيا، جان-نويل بارو وأنالينا بيربوك، في القصر الرئاسي بدمشق. هذا اللقاء، الذي يأتي بعد ساعات من وصول الوزيرين إلى العاصمة السورية، يمثل أول اجتماع على هذا المستوى مع مسؤولين غربيين منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024.

الزيارة، التي تعد الأولى من نوعها لمسؤولين غربيين رفيعي المستوى منذ اندلاع الصراع السوري، تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون الدولي لدعم سوريا في تجاوز أزمتها. وأظهرت لقطات تلفزيونية قائد الإدارة السورية الجديدة متوسطاً الوزيرين، في صورة تلخص بداية فصل جديد في العلاقات بين دمشق والدول الغربية.

تفقد إرث الماضي واستشراف المستقبل

قبل اللقاء مع أحمد الشرع، زار الوزيران الأوروبيان سجن صيدنايا الشهير، الذي كان رمزاً للانتهاكات الجسيمة خلال حكم الأسد. تفقدهما للزنزانات والأقبية تحت الأرض يعكس رغبة دولية في مواجهة إرث الماضي والعمل على تعزيز حقوق الإنسان في المرحلة المقبلة. وكتب وزير الخارجية الفرنسي على منصة “إكس” أن هذه الزيارة تمثل التزام فرنسا وألمانيا بالوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الدقيقة، مؤكداً على أهمية دعم انتقال سياسي يخدم استقرار المنطقة.

من جانبها، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في بيان قبيل وصولها أن هدف الزيارة هو مساعدة سوريا على استعادة سيادتها وبناء دولة قادرة على القيام بوظائفها. وأضافت أن الدعم الأوروبي سيأخذ بعين الاعتبار التحديات القائمة، بما في ذلك التعامل مع الجماعات المسلحة، دون إغفال الاحتياجات الإنسانية للسوريين.

دلالات سياسية وتحولات دولية

زيارة بارو وبيربوك لدمشق تأتي في وقت تشهد فيه سوريا منعطفاً تاريخياً بعد سقوط الأسد. الرسائل التي حملتها الزيارة تشير إلى التزام أوروبي بدعم الإدارة الجديدة وتسهيل عملية الانتقال السياسي، مع التركيز على استعادة الاستقرار في سوريا وإعادة بناء مؤسسات الدولة.

هذا التحرك الأوروبي يحمل دلالات واضحة حول الرغبة في لعب دور محوري في مستقبل سوريا، خصوصاً في ظل التنافس الإقليمي والدولي على النفوذ داخل البلاد. كما يعكس تفاهماً فرنسياً-ألمانياً على ضرورة تنسيق الجهود الدولية لمواجهة التحديات المعقدة التي تواجه سوريا بعد أكثر من عقد من الصراع.

تطلعات نحو مستقبل أفضل

مع بدء صفحة جديدة في تاريخ سوريا، تبرز أهمية الدعم الدولي للإدارة الجديدة في تحقيق الأهداف الوطنية، بما في ذلك إعادة الإعمار وتعزيز الوحدة الوطنية. زيارة بارو وبيربوك تمثل خطوة أولى في هذا المسار، مع تأكيدهما على التزام بلديهما بمساعدة السوريين على بناء مستقبل يعكس تطلعاتهم ويضمن استقرار المنطقة بأسرها.

خاتمة:
خلاصة القول إن هذه الزيارة الفرنسية الألمانية تمثل التوجه العام للاتحاد الأوروبي اتجاه سوريا الجديدة ما بعد الأسد وترمي إلى تثييت مصالح اوروبا قي المنطقة وإعلاء الصوت الغربي للتحكم في علاقات سوريا الخارجية باستعمال لغة العقوبات بين التخفيف والضغط بحسب التنازلات التي يقدمها قادة سوريا الجدد، مع الانتباه إلى خطة الأوروبيين في اللعب على ورقة الأقليات خاصة الأكراد وقضايا المرأة والحريات وحقوق الإنسان باعتبارها المدخل لتوجيه العلاقات الخارجية الجديدة لسوريا ومحاولات إبعادها عن الحليف القديم روسيا وإيران، فالمصالح الأوروبية والامريكية لا تترك شيئا للصدفة بل تبني كل أمر على التخطيط والتدخل الاستباقي تفاديا لكل المفاجآت التي تهدد مصالحها باعتبارها الهاجس الوحيد الذي يتحكم في سياسة الغرب.

ويبقى السؤال: هل ستنجح هذه الجهود الدولية في تحقيق التوازن المطلوب بين دعم الانتقال السياسي والحفاظ على الاستقرار في بلد مزقته الحرب؟