جدل في المغرب حول إلغاء نمط الاقتراع باللائحة واعتماد الانتخاب الفردي.

يشهد المشهد السياسي في المغرب نقاشًا حادًا حول إمكانية إلغاء نمط الاقتراع باللائحة والعودة إلى نظام الانتخاب الفردي، في خطوة تهدف إلى معالجة الاختلالات التي أفرزها النظام الحالي وتعزيز العلاقة المباشرة بين الناخبين وممثليهم. ويأتي هذا الجدل في سياق استعداد وزارة الداخلية للتحضير للانتخابات التشريعية لسنة 2026، حيث من المرتقب أن تعرض مقترحات التعديل على الوزير عبد الوافي لفتيت لمناقشتها مع الأحزاب السياسية.

الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي كان من أبرز المدافعين عن نمط الاقتراع باللائحة خلال عهد حكومة عبد الرحمن اليوسفي، أصبح اليوم من أشد المعارضين له، حيث يطالب بإلغائه واعتماد الانتخاب الفردي. ويرى الحزب أن نظام اللائحة في المغرب أدى إلى تهميش المناضلين الحقيقيين، ومنح الأفضلية لوكلاء اللوائح المقربين من زعماء الأحزاب، مما أدى إلى فصل المنتخبين عن قاعدتهم الشعبية.

وترى عدة جهات سياسية أن الاقتراع باللائحة في المغرب ساهم في إضعاف التواصل المباشر بين المنتخبين والمواطنين، حيث أصبح العديد من النواب يصلون إلى البرلمان دون مجهود فعلي في الدوائر التي يمثلونها، وهو ما انعكس سلبًا على مستوى الأداء التشريعي وخدمة القضايا الوطنية والمحلية.

يأتي هذا النقاش في وقت تزايدت فيه قضايا الفساد التي طالت برلمانيين ومنتخبين محليين في المغرب، حيث تجاوز عدد المتابعين قضائيًا 40 شخصًا، بتهم تشمل تبديد الأموال العامة، والارتشاء، والتلاعب بالصفقات العمومية. هذه القضايا دفعت العديد من الفاعلين السياسيين إلى المطالبة بإصلاحات جذرية، من بينها تقليص مراكمة المناصب ومنع الجمع بين العضوية في المجالس المحلية ومجلس النواب، لفتح المجال أمام كفاءات شابة قادرة على الإسهام في تدبير الشأن العام.

من المتوقع أن تشمل التعديلات القانونية المنتظرة في المغرب إصلاحات على القوانين الانتخابية، بما في ذلك القانون التنظيمي لمجلس النواب والقانون التنظيمي للمجالس الترابية. ومن بين التعديلات التي يجري مناقشتها توسيع حالات التنافي بين المهام الانتخابية، حتى بالنسبة للذين لم تطلهم المتابعات القضائية، وذلك بهدف تعزيز الشفافية والحكامة الجيدة في المؤسسات المنتخبة.

وفي هذا السياق، يرتقب أن يعقد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت اجتماعات مكثفة مع زعماء الأحزاب السياسية في المغرب خلال الفترة المقبلة لمناقشة التعديلات المقترحة والتوصل إلى توافق حول الإصلاحات المرتقبة. ويبدو أن المغرب مقبل على تغييرات جوهرية في منظومته الانتخابية، قد تعيد تشكيل المشهد السياسي وتؤثر على دينامية العمل البرلماني والحكومي خلال المرحلة المقبلة.