رشيد أيلال ومصادر سرقاته بالجملة

الوطن 24 / بقلم: إدريس عدار

إدريس عدار

عندما أصدر رشيد أيلال كتابه “صحيح البخاري…نهاية أسطورة“، كتبت مقالا قلت فيه إن أسطورة البخاري غير موجودة في الكتاب المذكور، الذي هو عبارة نقل ساذج لما هو متوفر عبر الشبكة العنكبوتية..وعندما ذكرت أخيرا أن الشخص المذكور ليس بحثا بالمعنى المتعارف عليه ولكنه باحث عن دعم ملف لجوئه إلى كندا..وقضية التصعيد في الحديث عن بعض العقائد لا ترتبط بالتنوير الديني كما يسوق لذلك بعض دعاة “الحداثة الممسوخة“..فكتب كثيرون متسائلين عن الحجج والدلائل في دعوى السرقة..من يطلب الحجة أحيانا لا يدرك مغزى العبارة فحتى إذا واجهته بها يفر نحو الجبل ويقول: لا تهمني أن تكون هذه الأفكار مسروقة أو غير مسروقة ولكنها جديدة..معنى جديدة؟ فهل كل ما لم أتمكن من قراءته هو جديد؟ ما يقوله أيلال قديم جديد ومنه ما يعود إلى العصر الإسلامي الأول، ويزعم أن كتابة الحديث تمت بعد ثلاثة قرون من عصر النبوة وهي قمة التفاهة، ناسيا أن كتابا كاملا كتبه التابعي سُليم بن قيس الهلالي وفيه كثير من الأحاديث التي تناولت القضايا التي يزعم أنها جديدة..
رشيد أيلال استمرأ السرقات التي يحقق بها نسبة مشاهدات جيدة، لكن ليس فيها أي جديد..في قناته يعمد إلى حيلة خطيرة..بعد أن يطرح الموضوع يقول: لا أحد من المسلمين طرح السؤال عن صحة هذه القضية..بينما كل المواضيع التي تحدث فيها مسبوق إليها بشكل يظهر معه تافها جدا..
هذه المسروقات يجعل منها نتائج مهمة..وهنا نعرج على التأييد الذي يلقاه من موروتوري الحداثة، الذين يخفون مواقف يعلنون عنها من خلال هذا الدعم..تحويل المقدمات إلى نتائج عملية عبثية ولا تفيد في شيء..فالذين يسرق منهم السارقون الذين سرق منهم أيلال عندما ينتقدون كثيرا من الأمور والقضايا يجعلون منها مقدمات على ضوئها يتم البناء المعرفي والعقائدي والفقهي..لكن ما يقوم به أيلال مجرد فهلوة لجلب المشاهدات ويلجأ للتصعيد قصد دعم ملف اللجوء إلى كندا..
حتى نكون عمليين نتساءل: ما الفائدة العملية من معرفة أن قصة “العشرة المبشرين بالجنة” مجرد كذب؟ ما هي النتائج المترتبة عنها؟ لقد وقف رشيد أيلال عند القول بأكذوبة العشرة المبشرين بالجنة..ماذا يفيد الباحث والتنويري أساسا في أن يكون هؤلاء من أصحاب الجنة أو لا يكونوا؟ وهنا يظهر أن التنويري مجرد رجل عبثي يتبعه أصناف من العبثيين…
من أقبح ما ذهب إليه أيلال هو القول: لماذا لم يتساءل المسلمون عن حقيقة رواية العشرة المبشرين بالجنة؟ مضحك أمر هذا المتحدث الفهلوي لأن عمر نقد هذه الرواية يعادل يوم ميلادها.
ويكفي أن نذكر بعض الكلام عنها أما إذا أردنا جمع ما قيل فيها فلن تسعنا المجلدات..لكن لابد من التفريق هنا بين نوعين من النقد..النقد الأصلي كان هدفه بناء رؤية عقائدية بينما النقد المسروق هدفه الإثارة..
يقول الشيخ المفيد (توفي سنة 413 ه) في كتابه الإفصاح في الإمامة “إن مقتضى دليل العقل يمنع من القطع بالجنة والأمان من النار لمن تجوز منه مواقعة قبائح الأعمال، ومن ليس بمعصوم من الزلل والضلال، فلا يجوز أن يعلم الله تعالى مكلّفاً كهذا بأن عاقبته الجنة؛ لانّ ذلك سيغريه بالقبيح“.
وأنت نازل في الطبقات تجد كلاما مشابها ونقدا سواء للسند أو المضمون..
ونزولا إلى العصر الحديث نجد أن كثيرا من الباحثين والعلماء اهتموا بالموضوع وكتبوا عنه مثل عبد الحسين شرف الدين الموسوي في كتابه “المراجعات“، الذي هو عبارة عن محاورة طويلة مع شيخ الأزهر سليم البشري، وتناوله مرتضى العسكري في كتابه معالم المدرستين وغيره كثير ممن تطرف للموضوع..
وفي نقد السند خصص حسن الشيرازي حوالي أربعين صفحة للموضوع بشكل موسع تحت عنوان “الصحف المنشرة في بطلان حديث العشرة المبشرة” نشره في مجلة تراثنا العدد 41. نقدا شاملا من كل جوانبه.
وبما أن رشيد أيلال لص شبكي يعتمد الأنترنيت فقط ننزل معه إلى هذه الحديقة الخلفية التي يختبئ وراءها لممارسة السرقات…
يقول صلاح الحسيني في كتابه سبيل المستبصرين (منشور على الشبكة):
لماذا يركّز المسلمون على حديث العشرة المبشّرين بالجنّة، مع أنّه كان موجوداً في ذلك الوقت، السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) سيّدة نساء أهل الجنّة، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وكذلك سلمان وأبو ذر والمقداد وبلال وعمّار، وغيرهم ممّن بشّرهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بالجنّة، لماذا ركّز أهل السنّة على العشرة وتركوا الباقي؟
ما هو تفسير حديث الأئمّة بعدي اثنى عشر، من هم أولئك الأئمّة، ما هو جواب هذا اللغز الغامض عند أهل السنّة؟ لم أجد الجواب إلا عند أهل البيت(عليهم السلام)وأتباعهم.

لماذا قام المسلمون في خلافة معاوية بن أبي سفيان بسبّ وشتم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) على المنبر لأكثر من ثمانين عاماً، وسكتوا حتّى عن تبرير ذلك الأمر، مع أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من سبّ علياً فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله
وفي موقع العقائد نقرأ كل الكلام الذي بنا عليه أيلال شريطه حول كذبة العشرة المبشرين بالجنة.
ويكتب زهير جمعة المالكي في موقع الحوار المتمدن يوم 28 دجنبر 2019 موضوعا تحت عنوان “خرافة العشرة المبشرين بالجنة” قال فيه “مما تقدم نرى أن قصة العشرة المبشرين بالجنة هي محض خرافة استنادا الى كون القصة نفسها مضطربة ، كذلك ان احد رواتها وهو عبد الرحمن ابن عوف لم يلتزم بها وحرض على قتل عثمان احد العشرة . كما ان العشرة انفسهم لم يكونوا سمعوا بها فكانوا لايعلمون هل هم الى جنة او جهنم وان احدهم من خشية الحساب يتمنى ان يكون ” عذرة ” وهي فضلات الانسان الثقيلة والاخر يدعو على نفسه بالويل ان لم يغفر الله له . كذلك فقد كان العشرة كل منهم يرى الاخر ضال ومضل وقاتل احدهم الاخر بالتحريض او بالمباشرة في الحرب”.
وكتب أحمد صبحي منصور مقالا بعنوان “كوميديا العشرة المبشرين بالجنة” يوم 23 أكتوبر 2015،
خرافة العشرة المبشرين بالجنة.
وسرق أيلال العنوان نفسه ونعثر عليه في موقع حديث الإسلام تحت عنوان “إليكم أكذوبة العشرة المبشرين بالجنة

لكن الأدهى من ذلك أن رشيد أيلال سرق شريطا كاملا لياسر الحبيب تحت عنوان “أكذوبة حديث العشرة المبشرين بالجنة” وذلك يوم 18 شتنبر 2011، ونقله كاملا يوم 24 يناير 2020، هذا الشريط من حوالي ستة دقائق وبما أن أيلال زاد عليه بعض الإنشاء كي يغطي على السرقة فقد أنتج شريطا من 12 دقيقة.
وهنا الرابطان ليقارن القارئ بنفسه:


ما لم ينتبه إليه رشيد أيلال هو أنه نقل الموضوع بالطريقة نفسها وبمماثلة تامة في طريقة الاستدلال التي لم تتضمن أية إحالة على السابقين..ومن بلادته نسي أن ياسر الحبيب كان يجيب هنا على سؤال في قناة فدك وجهه إليه أحد المشاهدين ولديه بحوث كثيرة في الموضوع..لا يعرف حتى كيف يسرق ومن أين يسرق ومتى يسرق؟
الموضوع يحتاج إلى تدقيق أكبر ولكن الحيز لا يتسع لأكثر من ذلك وا,ردت هذا النموذج الذي اخترته بشكل عشوائي لكن بطريقة استقرائية وجدت أن ما يبثه في قناته كله مسروق، وسأعود إلى نماذج أخرى حتى لا يعود أحد ليقول لنا أين دليلكم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *