زلزال مالي يهز المغرب: 122 رئيس جماعة في قفص الاتهام و16 ملفاً جنائياً تهدد بسقوط رؤوس كبيرة.

كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنتي 2023-2024 عن فضائح مالية مدوية تضرب الجماعات الترابية في المغرب، حيث أعلن عن متابعة 122 رئيس جماعة بسبب اختلالات جسيمة في التدبير المالي، وإحالة 16 ملفاً إلى النيابة العامة بتهم تستوجب عقوبات جنائية. هذه الأرقام الصادمة تسلط الضوء على الفجوة المتزايدة بين تطلعات المواطنين وسلوك المسؤولين عن تدبير المال العام.

عجز مالي يقدر بعشرات الملايين
التقرير أظهر أن المحاكم المالية أصدرت 3,951 قراراً وحكماً نهائياً، منها 761 قراراً تكشف عن عجز مالي بلغ 54.8 مليون درهم. في المقابل، تمكنت الأجهزة المعنية من استرجاع 28.1 مليون درهم بعد ملاحظات أولية من المحاكم، وهو ما يكشف جانباً من حجم الهدر المالي الذي يشوب التدبير الجماعي.

مخالفات صارخة
تركزت المخالفات التي شكلت موضوع الأحكام حول الإهمال في تحصيل مداخيل الجماعات بنسبة 89%، إلى جانب ضعف الرقابة على حسابات تصفية النفقات بنسبة 11%. هذه الأرقام تعكس غياب آليات مراقبة فعّالة وترك المال العام عرضة للتبذير وسوء التدبير.

ثغرات قانونية تعمق الأزمة
أشار التقرير إلى أن التعديلات القانونية التي أُدخلت على قوانين المالية في سنتي 2005 و2008 قلصت من نطاق مسؤولية المحاسبين العموميين، مما ساهم في ارتفاع نسبة القرارات التي قضت بإبراء الذمة. وعلى الرغم من مساهمة الأنظمة المعلوماتية الحديثة في تقليص بعض جوانب العجز، إلا أن هذه التعديلات تركت الباب مفتوحاً أمام تجاوزات خطيرة.

دعوات للإصلاح والمحاسبة
التقرير دعا إلى إعادة النظر في نظام المسؤولية ومسطرة التدقيق والتحقيق في الحسابات، مؤكداً على ضرورة تسريع الإجراءات وتخفيف تكلفتها لضمان فعالية أكبر. وبينما يحظى هذا الملف بمتابعة من المجلس، يظل المواطنون في انتظار إجراءات ملموسة تُعيد ثقتهم في المؤسسات.

ملفات جنائية تهدد بسقوط رؤوس كبيرة
إحالة 16 ملفاً جنائياً إلى النيابة العامة يعكس جدية في تتبع الاختلالات، لكنه أيضاً يثير تساؤلات حول مصير هذه القضايا: هل ستتم المحاسبة بشكل صارم، أم أن المتورطين سيجدون طرقاً للتهرب من العقاب؟

في ظل هذه التطورات، تبدو الحاجة ملحة لإصلاح شامل يضمن حماية المال العام ووضع حد للتسيب الذي ينخر الجماعات الترابية. فهل سيتحرك القضاء والسلطات المعنية بحزم؟ أم أن ملف الفساد سيبقى عصياً على الحل في المغرب؟

عندما يتعلق الأمر بمؤسسات دستورية معنية بالرقابة المالية وتشكل دعامة رئيسية للحكامة فإن على باقي الهيئات الأخرى ان تقوم بالواجب الوطني في متابعة المتورطين الذين ثبت بالبرهان المحاسباتي الساطع اتهامهم بالفساد وإحالة ملفاتهم على القضاء لتقول العدالة كلمتها دون إبطاء لأن الوطن الذي تنتظره تحديات ورهانات لا ينبغي أن يتساهل مع الفاسدين من أجل إعادة الاعتبار للمغزى الدستوري في ربط المسؤولية بالمحاسبة دون انتقاءية اوتسويف او تماطل يضر بالقانون والدستور.