صفة أستاذ باحث تشعل أزمة جديدة بالتعليم العالي في المغرب.

يواجه قطاع التعليم العالي في المغرب أزمة متصاعدة بسبب التراجع عن اتفاقات سابقة لتسوية وضعية نحو 120 دكتوراً موظفاً، كانوا قد حصلوا على وعود بمنحهم صفة “أستاذ باحث”. القرار الذي اتخذه الوزير الجديد بالتراجع عن هذه التسوية أثار موجة من الغضب، خاصةً أنه يتناقض مع مخرجات حوارات سابقة واتفاقات أُبرمت بهدف تحسين وضعية هذه الفئة داخل المنظومة الأكاديمية.

التنسيقية الوطنية للدكاترة الموظفين بوزارة التعليم العالي سارعت إلى إصدار بيان شديد اللهجة، أعربت فيه عن رفضها لأي حلول بديلة أو ترقيعية، مطالبةً بالالتزام بالاتفاقات السابقة واحترام مخرجات الحوار الاجتماعي. واعتبرت التنسيقية أن أي محاولة للتنصل من التفاهمات قد يؤدي إلى احتقان داخل القطاع، ملوحةً بخوض أشكال احتجاجية خلال الفترة المقبلة.

مخاوف من التمييز بين القطاعات الحكومية
ما يزيد الأزمة تعقيداً هو التفاوت في التعامل مع حاملي الدكتوراه بين القطاعات الحكومية المختلفة. فقد بادرت وزارتا التربية الوطنية والصحة إلى منح صفة “أستاذ مساعد” لموظفيها الحاملين لشهادة الدكتوراه، مما أثار حفيظة دكاترة التعليم العالي الذين يرون في ذلك تمييزاً غير مبرر. وذهبت وزارة التربية الوطنية إلى حد الإعلان عن توظيف 600 أستاذ دكتور للتدريس في مراكز تكوين المفتشين ومراكز التوجيه التربوي، بينما بقي ملف الدكاترة بوزارة التعليم العالي دون حل.

محاولات لتغيير الطاقم التدريسي
في السياق ذاته، تخشى وزارة التعليم العالي من تداعيات فتح أبواب الجامعات أمام الدكاترة الموظفين، خاصةً في ظل توجهها لتجديد الطاقم التدريسي بالاعتماد على أجيال جديدة. هذه الرؤية ظهرت جلياً في تصريحات الوزير السابق، الذي أشار إلى ضرورة استبدال الأساتذة القدامى بجيل جديد، وهو ما دفع إلى إصلاح نظام الدكتوراه وزيادة منح الطلبة الباحثين، لكنه أثار تساؤلات حول مصير الدكاترة الحاليين.

خطوات تصعيدية مرتقبة
التنسيقية الوطنية للدكاترة الموظفين دعت إلى تكاثف الجهود النقابية والحقوقية والسياسية لدعم ملفها، محذرة من تداعيات أي تجاهل لمطالبها. وأكدت التنسيقية أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة هو الالتزام بمخرجات الحوار السابق والاتفاقات المبرمة، محملة الوزارة مسؤولية أي تصعيد قد تشهده الأيام المقبلة.

أزمة “أستاذ باحث” تسلط الضوء على التحديات البنيوية التي يواجهها قطاع التعليم العالي في المغرب. فغياب رؤية موحدة وعادلة للتعامل مع الملفات العالقة يهدد باستمرار الاحتقان، ويضع مستقبل المنظومة الأكاديمية أمام تحديات كبرى تتطلب حلولاً عاجلة وشاملة.

لا بد من الجلوس إلى مائدة الحوار وعدم تكرار التراجعات عن الاتفاقات التي تحدث غالبا في فترات التغييرات التي تطال المسؤولين الحكوميين وعند حل الدمج الوزاري أو بسبب اختلافات بين الوزراء حول ماهية التدبير الوزاري نفسه، ولا شك أن الأمر يكتسي في بعض الأحيان شخصنة المعالجات والرغبة في القطيعة مع مراحل سابقة تبدو للمسؤولين الجدد أنها كانت فاشلة فتتغير زوايا النظر لمنهجية العمل وترتيب الأولويات ،ومهما كانت الرؤية المتحكمة في القرارات الجدبدة والخلفية التي تسندها فإن الحقوق التي تمت ترجمتها إلى اتفاقات أولى بالاعتبار وأن الحوار وحده والتفاهمات ذات الصلة هي السبيل للخروج من هذه الأزمة الجديدة التي قد تشعل مواجهات تصعيدية الجامعة المغربية في غنى عنها .