عامل إقليم سطات يوبخ مدير التعليم بسبب تعثر تنفيذ صفقة: مشهد يكشف هشاشة التدبير الإداري في المغرب

شهدت دورة المجلس الإقليمي لسطات، التي عُقدت مؤخراً في المغرب، حادثة مثيرة للجدل أسالت الكثير من الحبر وأثارت نقاشاً واسعاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي. فقد وجه عامل الإقليم، إبراهيم أبو زيد، توبيخاً شديداً لمدير التعليم الإقليمي، عبد العالي السعيدي، بسبب التأخير في تنفيذ صفقة متعلقة بقطاع التعليم. الواقعة لم تقتصر على الحديث داخل القاعة بل انتقلت إلى منصات التواصل الاجتماعي حيث تصدر النقاش العام حول إدارة المشاريع العمومية، خصوصاً في قطاعات حساسة مثل التعليم.

في مشهد غير مألوف خلال الاجتماعات الرسمية في المغرب، وجه العامل حديثاً قاسياً إلى المدير الإقليمي للتعليم قائلاً: “عندك لفلوس خدم، ما عندكش قولهالي وما نبقاوش نكدبو على الناس ونمشيو بحالاتنا”. وأضاف: “إيلا مادازتش الصفقة لغيها غدا، ست سنين هادي وما لغيتيهاش، علاش؟ عطيني الخدمة ولا خرج علي”.

لقد كانت هذه الكلمات بمثابة صدمة للمسؤولين الحاضرين والجمهور المحلي، إذ أظهرت تصرفاً قد يعتبره البعض تجاوزاً لدور العامل، في حين يراه آخرون ضرورة لضمان تنفيذ المشاريع الحيوية. وبين هذا وذاك، تكشف الحادثة عن تفاعل متناقض بين الغاية المتمثلة في تحسين الخدمات العامة وبين الطريقة التي يتم بها الضغط على المسؤولين التنفيذيين.

في الوقت الذي لاقى فيه تصرف العامل بعض التأييد من المواطنين الذين يرون أن هذا النوع من الضغط ضروري لضمان حسن سير المؤسسات والمشاريع الممولة من المال العام، إلا أن هناك من اعتبره تصرفاً غير لائق. يرى هؤلاء أن توجيه اللوم أمام الجمهور قد يثير توترات داخل الإدارة ويؤدي إلى تقليل فاعلية العمل الجماعي. وقد رأى البعض أن الطريقة التي تم بها توبيخ المدير الإقليمي كانت قاسية، وربما تتجاوز حدود صلاحيات العامل، الذي يفترض أن ينسق بين المصالح الخارجية بدل التدخل المباشر في تفاصيل تنفيذ المشاريع.

بعيداً عن الجدل حول طريقة التوبيخ، تبرز قضية تعثر تنفيذ المشاريع العمومية في المغرب كإحدى المسائل الأكثر إلحاحاً. يشير الحادث إلى تدهور في آليات تنفيذ المشاريع العمومية وتعاقدات مع الشركات الخاصة، مما ينعكس على سير الأعمال في وقت يتطلب فيه القطاع العام حلاً جذرياً لهذا النوع من الإشكالات. وقد أشارت فعاليات محلية إلى أن هذه الظاهرة تكشف عن ضعف في تسيير الأموال العامة، وعن ضرورة تحسين آليات المراقبة والمحاسبة.

تقول فاعليات محلية في سطات إن صعوبة تنفيذ المشاريع تتزايد عندما تكون هناك تجاوزات في التعاقدات أو تباطؤ في الإجراءات. وهو ما يعكس خللاً في التنسيق بين الإدارات المحلية والوزارات المعنية، ويعطي صورة غير مشرقة عن مستوى التدبير المحلي. وفي هذا السياق، يطرح السؤال حول ما إذا كان العامل قد تصرف من منطلق الحرص على المصلحة العامة أم أنه كان يسعى لتحميل مسؤولية تأخر المشاريع إلى المدير الإقليمي فقط، في حين أن مسؤولية التأخير قد تكون مشتركة بين أطراف متعددة.

في ضوء هذه الحادثة، يظل التساؤل الأهم: ما هي حدود صلاحيات العامل في الرقابة على تنفيذ المشاريع العمومية؟ وهل يتطلب الأمر تدخلات حازمة أم أن ذلك يعرض هيبة المسؤولين للمسائلة والانتقاد؟

يُعتبر العامل جزءاً من الآلية الإدارية التنسيقية في المغرب، التي تهدف إلى متابعة تنفيذ المشاريع وضمان تقدمها. لكن التدخل المباشر والمباشر في عمل المسؤولين قد يشكل عبئاً إضافياً على سير العمل الإداري، وقد يؤدي إلى خلق نوع من العداء بين المسؤولين، وهو ما قد يعوق تحقيق الأهداف المرجوة.

بينما يواصل النقاش حول التصرفات الإدارية في سطات، تظل قضية تعثر المشاريع العمومية ومسألة تدبير المال العام في صلب اهتمامات المجتمع المحلي في المغرب. فالمواطنون في سطات وغيرهم من المناطق يتطلعون إلى تحسين مستوى الخدمات العمومية، وتحقيق التقدم في تنفيذ المشاريع التي تم الإعلان عنها. ربما يكون من الأفضل أن تتضافر الجهود بين جميع المسؤولين المحليين على تنسيق العمل، دون الحاجة إلى تصعيد التوترات أو إظهار الانقسامات في الاجتماعات العامة.