عشرون جامعة رياضية خارج القانون: فضيحة تكشف تدهور الحكامة وتورط المسؤولين في المغرب.

في فضيحة رياضية من العيار الثقيل، كشف تقرير رسمي عن وجود 20 جامعة رياضية من أصل 57 تعمل خارج القانون، ما يعكس تدهوراً غير مسبوق في قطاع الرياضة المغربي. هذه الجامعات، التي تمثل ثلث الهيئات الرياضية في البلاد، لا تستجيب للشروط القانونية اللازمة لتوقيع عقد الأهداف مع وزارة الشباب والرياضة، ما يضع الرياضة المغربية في قلب أزمة كبيرة قد تدمّر مستقبلها.

هذه الفضيحة ليست مجرد تفاصيل إدارية يمكن تجاهلها، بل هي صرخة عاجلة تنبئ بحالة من الفوضى والفساد في القطاع. تقرير المجلس الأعلى للحسابات في 2019-2020 كان قد حذر من هذه الأزمة، مؤكداً أن الرياضة الوطنية تعيش بدون سياسة عمومية واضحة أو استراتيجية منسقة، لتعود الأمور إلى ما كانت عليه، دون أي إصلاحات جذرية. فهل كانت هذه التحذيرات مجرد “صوت في البرية” لم يحرك ساكناً في وزارة الشباب والرياضة؟

أما المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي لطالما حثّ على جعل الرياضة قطاعاً منتجاً للثروة وخلق فرص العمل، فكان على صواب في تشخيصه. ولكن السؤال المطروح: لماذا بقيت الأمور على حالها رغم هذا التشخيص؟ هل هي غياب الإرادة السياسية؟ أم أن المسؤولين لا يهتمون بتطوير هذا القطاع الحيوي؟

وفي الوقت الذي يبذل فيه بعض النواب والشخصيات السياسية جهوداً للنهوض بالقطاع عبر الدعوة إلى فصل الرياضة عن التعليم، ويبدي البعض اهتمامًا بتحويل الرياضة إلى مجال مستقل ومتطور، يبقى السؤال الأهم: هل هذا الفصل سيحمل في طياته إصلاحًا حقيقيًا أم سيكون مجرد خطوة شكلية أخرى في مسلسل طويل من الوعود الفارغة؟ لماذا لم تتحرك الحكومة منذ سنوات لوضع استراتيجيات فعالة؟

وزارة الشباب والرياضة، التي تأخرت كثيراً في التعامل مع هذا الملف، بدأت أخيراً في اتخاذ خطوات لتسوية وضع الجامعات المخالفة عبر تطبيق الفصل 31 من قانون التربية البدنية والرياضة 30-09. ولكن السؤال الأبرز: لماذا لم يتم اتخاذ هذه الإجراءات منذ البداية؟ هل كانت الوزارة غافلة عن هذه الفوضى القانونية؟ أم أن الأمر يتطلب ضغطاً إعلامياً وفضائح علنية ليتم تحريك المياه الراكدة؟

ورغم أن الوزارة وضعت ميزانية 2025 لبناء مقرات جديدة للجامعات الرياضية، إلا أن هذا الحل يظل ناقصاً في ظل الواقع المعقد الذي يعيشه القطاع. فالمشكلة ليست في البنية التحتية فقط، بل في غياب الحكامة والتخطيط السليم. كيف يمكن للجامعات الرياضية التي لا تلتزم بالقانون أن تحظى بالثقة لتدير مقرات جديدة؟

إذن، إلى متى سيظل قطاع الرياضة في المغرب رهينًا لهذا التسيير العشوائي والفساد المستشري؟ هل ستتحمل الحكومة المسؤولية كاملة وتضع استراتيجية لإصلاح هذا القطاع الحيوي؟ ولماذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة لحل هذه الأزمة قبل أن تتحول إلى فضيحة علنية تهز صورة الرياضة في المغرب؟

هذه الأسئلة تبقى عالقة في أذهان كل من يهمه الأمر، والمغاربة يتطلعون إلى إجابات شافية، وإلا فإن الفشل سيكون مصير الرياضة المغربية.