فرنسا تُوقف مؤثرين جزائريين بتهمة التحريض على الإرهاب عبر تيك توك

في خطوة تصعيدية ضد التحريض على الإرهاب عبر الإنترنت، أوقفت السلطات الفرنسية مؤثرين جزائريين بتهم تتعلق بالدعوة علنًا إلى ارتكاب أعمال إرهابية عبر منصة تيك توك. هذه الحادثة تسلط الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجهها الحكومات في مواجهة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في نشر خطابات الكراهية والتحريض على العنف.

في الساعات الأولى من يوم الجمعة 3 يناير 2025، ألقت الشرطة الفرنسية القبض على يوسف أ. البالغ من العمر 25 عامًا، والمعروف على منصات التواصل الاجتماعي بـ “زازو يوسف”، بتهمة “الدعوة علنًا لارتكاب عمل إرهابي”. الفيديو الذي أثار هذه القضية تم نشره في 31 ديسمبر 2024، حيث دعا فيه يوسف إلى شن هجمات في فرنسا وأعمال عنف في الجزائر. وقد تم تداول الفيديو على نطاق واسع عبر الشبكات الاجتماعية، مما أثار حالة من القلق بين المستخدمين والسلطات.

وفور رصد الفيديو، تم التبليغ عنه عبر منصة حكومية مختصة بالمحتوى غير القانوني على الإنترنت، مما أدى إلى تدخل الشرطة في الأول من يناير 2025. وقد أقر يوسف أنه كان صاحب الفيديوهات التي تعود إلى أكتوبر 2024، وأوضح في التحقيقات أن هذه المقاطع كانت موجهة إلى معارضي النظام الجزائري.

وفي حال إدانته، يواجه يوسف عقوبات قاسية قد تصل إلى السجن لمدة سبع سنوات ودفع غرامة قدرها 100 ألف يورو، حسبما أوردت المدعية العامة كامي ميانسوني.

وفي تطور آخر، تم توقيف مؤثر جزائري ثانٍ، عماد تانتان (31 عامًا)، مساء الجمعة 3 يناير 2025، في جنوب شرق فرنسا. عماد تانتان نشر هو الآخر مقطع فيديو يتضمن دعوات للحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية. تم إزالة الفيديو لاحقًا، ولكن التعليقات الواردة فيه كانت مشينة للغاية. الوزير الفرنسي برونو ريتايو أكد في تغريدة على “إكس” (سابقًا تويتر) أن تانتان سيواجه العدالة، مشيرًا إلى أن مثل هذه التحريضات لن تمر دون عقاب.

تسلط هذه الحوادث الضوء على قوة وسائل التواصل الاجتماعي في نشر محتوى قادر على التحريض على العنف والإرهاب. مع تصاعد المخاوف من استخدام هذه المنصات للتهديد بالسلامة العامة، تواصل الحكومات محاولة موازنة بين حرية التعبير والحاجة إلى حماية الأمن الوطني. السلطات الفرنسية أظهرت سرعة في التعامل مع هذه القضايا، من خلال التعاون مع المنصات الإلكترونية مثل تيك توك، التي أقدمت على حظر الحسابات التي نشرت الفيديوهات المحرضة على العنف.

من جانبه، أكد وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، في أكثر من مناسبة على أن “لا مكان للتهاون مع هذا النوع من التهديدات”. وأشار إلى أن محاربة الإرهاب لا تقتصر على اتخاذ إجراءات قانونية ضد الأفراد فقط، بل تشمل أيضًا تفعيل أنظمة مراقبة محتوى الإنترنت لمنع انتشار هذه الأفكار المتطرفة.

تُظهر هذه الوقائع أن قضية التحريض على الإرهاب عبر الإنترنت تزداد تعقيدًا، خاصة مع تزايد دور المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير على الرأي العام. بينما تتزايد الضغوط على الحكومات للتصدي لهذه الظاهرة، يبقى التساؤل حول كيفية التوازن بين الحق في التعبير وضرورة منع أي تحريض على العنف.

في النهاية، تبقى قضية المؤثرين الجزائريين في فرنسا مثالًا صارخًا على أهمية تكثيف الجهود لمكافحة خطاب الكراهية والتحريض على الإرهاب في الفضاء الرقمي، وهو ما يتطلب تعاونًا دوليًا مستمرًا بين الحكومات ومنصات التواصل الاجتماعي.