فشل الحكومة المغربية في مواجهة أزمة الهجرة: بين التبريرات الفارغة والواقع المرير.

في ظل الأزمات التي تجتاح مدينة الفنيدق، حاول مصطفى ا بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أن يخفف من حدة الانتقادات بتصريحات تتجاهل عمق المشاكل الاجتماعية والسياسية التي يعاني منها المواطن المغربي. فخلال الندوة الصحفية الأخيرة للمجلس الحكومي، عبّر بايتاس عن أسفه لما حدث، مشيراً إلى أن الهجرة غير القانونية ظاهرة عالمية وأن بعض الشباب يتم تحريضهم من قبل جهات غير معروفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن، لنكن صرحاء: هل هذا التفسير الوردى كافٍ لتبرير فشل الحكومة في مواجهة الأزمات المستفحلة التي تدفع الشباب المغربي إلى التفكير في الهجرة كسبيل للهروب من واقعهم؟ بايتاس ذكر أن 152 شخصاً قد قُدموا أمام العدالة وتم إحباط محاولات التحريض، ولكن لا يمكن أن تكون هذه الأرقام فريدة من نوعها أو تبرر الوضع المزري الذي يعيش فيه الشباب المغربي.

لن ندع الأمور تلتف حولنا بكلمات مريحة، لأن الحقيقة هي أن الحكومة المغربية تُعدّ من أكبر المساهمين في تفاقم هذه الأزمة. فكيف يمكن تبرير الإخفاقات المستمرة في معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع الشباب إلى مغامرة الهجرة غير القانونية؟ الحكومة في موقف يبدو وكأنها تُغرق نفسها في خطاب تحريضي بدلًا من اتخاذ خطوات حقيقية لمعالجة الأزمة.

لنأخذ مثالاً على ذلك قانون “من أين لك هذا؟”، الذي كان يُفترض أن يكون خطوة نحو تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد. إلغاء هذا المشروع يُعدّ ضربة موجعة لثقة المواطن في الحكومة. فبينما تتسارع وتيرة تكديس الثروات لدى بعض السياسيين الذين كانوا في السابق من الطبقة الفقيرة، يبقى المواطنون العاديون يرزحون تحت وطأة الفقر والبطالة. فالمشهد الذي نراه اليوم هو أن السياسيين يتخذون من السياسة وسيلة لزيادة ثرواتهم الشخصية، بينما تُترك الأزمات الاجتماعية لتغذي تزايد عدد الشباب الذين يحاولون الهجرة.

وبالحديث عن التصريحات الأخيرة، لننسى الصورة التي نُشرت لأشخاص نصف عراة في أحداث الفنيدق. بايتاس قال إن الصورة هي موضوع تحقيق من قبل الأجهزة الأمنية، لكنه لم يحدد ما إذا كان هذا التحقيق سيؤدي إلى أي تحسينات فعلية أم لا. هل هو مجرد محاولة لتسكين غضب الرأي العام، أم أن هناك خطة فعلية لمعالجة الوضع المأساوي الذي يعاني منه هؤلاء الأشخاص؟

ما تحتاجه الحكومة المغربية ليس مجرد تصريحات ملطفة، بل خطوات جادة لمعالجة الأزمات التي يعاني منها الشباب. في حين أن الحكومة تواصل تقديم تبريرات تتعلق بالتحريض والشبكات الاجتماعية، فإن الواقع يشير إلى وجود فشل واضح في معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع الشباب إلى التفكير في الهجرة كخيار وحيد.

إذا كانت الحكومة تريد فعلاً أن تُظهر جديتها في التعامل مع أزمة الهجرة، فعليها أن تبدأ بإجراءات ملموسة وجادة لتحسين الظروف المعيشية، وتوفير فرص العمل، وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع القطاعات. التصريحات والتبريرات ليست كافية، بل يتطلب الأمر تحولاً حقيقياً في السياسات والإجراءات لضمان توفير بيئة مستدامة لشباب البلاد، بدلاً من دفعهم للبحث عن فرصة حياة أفضل في الخارج.

إن فشل الحكومة في معالجة الأزمات الاجتماعية والسياسية يجعلها في موقف لا تحسد عليه. بينما تستمر في تقديم تفسيرات هشة للأزمات، يبقى المواطن المغربي في وضع يتطلب تحركاً حقيقياً وفعّالاً، لا مجرد كلمات فارغة تحاول إخفاء فشل السياسات.