قـــــوة الــــروح الفنية كما عــاشها الــرسام محمد بن يحيى

بموقع “مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث” على النت،صدرت دراسة قيمة  عن “مفهوم الفن ، رصد تاريخي”  في سبتمبر 2019 لصاحبها إبراهيم ونزار،قال في مقدمتها أن التفكير يمثّل في فلسفة الفن وفي تاريخها، بحثا في أهم اللحظات و أقواها التي كان فيها الفن موضوع دراسة للفلسفة ومباحثها. والتفكير الفلسفي في الفن، هو بالتحديد تفكير في كيفية تكوّن عمل فني، وفي معايير فنّيّته

إنْ كان يلزمنا الانطلاق دوما من التجربة الفكرية الإغريقية، فإنّ ذلك سيفرض علينا اختيار نموذج مهم مثل أرسطو بالوقوف عند مفهومي: “الشاعرية” و”المحاكاة”. ولعل أهمهما هو “المحاكاة” بوصفه تحليلا لكيفية نشوء إرادة الإبداع لدى الفنان من خلال استلهامه لنموذج ما، سواء أكان نموذجا عينيا ملهما، أو نموذج فعل الإبداع عينه

ثم بعد ذلك، سيكون علينا أن نأخذ نموذجا حديثا كان له الأثر البالغ في مسار الفكر الفلسفي البشري، وهو هيغل-، عبر محاولته جعل الفن علما: له قواعد وأسس ومناهج، ومستقل بمفاهيمه وفرضياته. لقد نظر هيغل إلى الفن بوصفه تصورا يجمع بين خصوصية الجميلوبين طابعه الفني الملازم له. فالجميل هو بالضرورة عمل فني

في مستوى آخر، سنرى كيف أنّ التصور الهيدغري للفن سيجعله جزءً من مشروع تقويض الميتافيزيقا الغربية. لقد انطلق هيدغر من كون الفن مثالا للتجلي الأبرز والأكثر أصالة للوجود، والذي من خلاله أيضا يمكن رسم معالم كينونة الإنسان. فاللغة تُبدع قولا قادرا على تجاوز حدود العقل التقليدي كما رسمته الميتافيزيقا التقليدية، وهذه اللغة التي يقصدها هي لغة الشعر

كما يفتحنا، في مستوى أخير، كتاب الهيرمينوطيقي المعاصر جورج هانس غادامي “تجلي الجميل”، على أفق إشكالي غني بالقضايا الفلسفية الموجهة لمقاربة كبرى مفاهيم الفن. هذا العمل الفلسفي الفني، الذي أصله مجمل مقالات غادامير، هو مساهمة في تثبيت وتوضيح الأصول التداولية لكل مفهوم يحظى اليوم في الفن المعاصر بأشكال الاهتمام. لقد عاد غادامير إلى: “المحاكاة”، و”التعبير”، و”الإيماء”، و”العلامة”، و”الرمز”… معتبرا أنّ كل تفلسف في الفن لا يمكن تحققه بمنأى عن فهم رصين لهذه الأسس النظرية الفلسفية العريقة

التي يعود جُلُّها إلى التجربة اليونانية الرائدة

ويقول الرسام محمد بن يحيى عن نفسه هنا كفنان غاص في أعماق بحار الإبداع الفني للثقافة المغربية الأصيلة منذ نعومة أظافره أن عالمه الفني يركز على سلوك الإنسان الحالي والمستقبلي، أي البحث عن إجابة مرضية للعواطف والتأملات التي تعبر عن الفكر الحديث للإنسان، وتأثيره على المستقبل وكذلك اندماجه في عالم اجتماعي ثقافي سياسي واقتصادي يتغير بسرعة كبيرة متوافقة مع التطور التكنولوجي، وكل ذلك يتجه نحو توحيد الكون، خاصة السلوك البشري. انطلاقاً من هذا المخطط الفلسفي، “قمت في عام 1986 بإنجاز أول لوحاتي الأحادية اللون، حيث تتفكك جميع الأشكال إلى خطوط، مع حضور شخصية “الأبدي”. كانت هذه المجموعة تمثل بداية مسار أسلوبي الذي طورته على مر السنين

جاءتني الرسوم منذ طفولتي. في سن الحادية عشرة، كنت أجمع المقالات المنشورة في الصحف والمجلات التي تتحدث عن الرسم، سواء كان مغربياً أو عالمياً. بالإضافة إلى ذلك، كان والدي وعمي حرفيين، وكنت أحب قضاء ساعات في مشاهدتهما يعملان في ورشاتهم. هذان العنصران دفعاني إلى رسم بعض الرسومات بالقلم الرصاص مقتبسة من الكتب المدرسية

وفي سن الثالثة عشرة، في المدرسة، كنت معتاداً على الرسم بالطباشير على لوحة الصف لشخصية من إبداعي، والتي لا تزال حاضرة في أعمالي حتى الآن وأسميتها “الأبدي”.و في سن التاسعة عشرة، بدأت في التحضير لمعرضي الأول، الذي أُقيم في عام 1979 في “جاليري ديكوفيرت” بالرباط، تحت رعاية وزارة الرياضة والشباب

بعد دراستي الأكاديمية في تاريخ الفن، كان لدي دائماً الحرص على التميز عن التيارات الموجودة، خاصة على المستوى التقني، في محاولة لخلق تعبير خاص بي، الأمر الذي تطلب مني سنوات عديدة

و إن تراكم قراءة الكتب التي تتحدث عن الرسم، وزياراتي للمتاحف الأوروبية المختلفة، والتواصل مع أعمال رسامين مشهورين مثل بيكاسو وسلفادور دالي وفازاريلي، قد أثرى إلهاماتي. من ناحية أخرى، الأماكن التي عشت فيها، مثل فاس وورزازات، ساهمت أيضاً في تعزيز لوحتي الإلهامية

– معرضي الأخير بعنوان: “خطوط، وحدة، قوة الروح الإنسانية”، أقيم  في مؤسسة إينيكس  بواسطة  خشب الشاوي في سلا من 30 مايو إلى 13 يونيو 2024

– يستكشف هذا المعرض العلاقة بين الوحدة والقوة الروحية في مواجهة التحدي التكنولوجي المعاصر

– يقدم المعرض سلسلة من 30 لوحة أكريليك على قماش

– هدفي هو دعوة الزوار للتفكير في تصورهم الخاص للضوء والشعور بالعواطف التي يمكن أن تثيرها الألوان الأحادية لديهم

وبالتأكيد. الثقافة المغربية لها تأثير كبير على إبداعاتي. أنا متأثر بغنى التقاليد ودقة التقنيات الحرفية المغربية، التي تعلمتها من محيطي العائلي، كما ذكرت سابقًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم المواضيع التي أتناولها مستوحاة من التقاليد والثقافة المغربية