كتاب “الإرث الصوفي التجاني: الأصل في إثبات الأصل”.
الوطن24/متابعة
كتاب “الإرث الصوفي التجاني: الأصل في إثبات الأصل”.
المؤلف: منتصر حمادة
الناشر: مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث. الرباط.
تاريخ الإصدار: مارس 2023
عدد الصفحات: 203
***********
هذا الكتاب مساهمة في الإجابة على بعض الأسئلة المرتبطة بالعمل الصوفي في نسخته المحلية والإقليمية، وأخذا بعين الاعتبار أن حضور العمل الصوفي مجسد في عدة زوايا وطرق صوفية، من قبيل الزاوية القادرية والزاوية التجانية والزاوية الناصرية والزاوية الشاذلية.. إلخ، لكن هذا الكتاب يتوقف بالتحديد عند الزاوية التجانية، التي تعتبر عمليا إحدى أهم الطرق الصوفية في شمال وغرب إفريقيا، وبالتحديد في دول جنوب الساحل، والتي أسسها الصوفي أحمد التجاني، دفين مدينة فاس.
من أسباب الاشتغال على الموضوع، الرغبة في تسليط الضوء على المقدمات التي تقف وراء هذا الإشعاع المحلي والقاري الذي يميز الزاوية التجانية، بما تطلب التوقف عند مسار مؤسسها، الشيخ أحمد التجاني، ومعه مسار أهم أعلام الزاوية، على اعتبار أن هذا التراكم النظري والعملي، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي كان سببا مباشرا وراء هذا الإشعاع الإقليمي والدولي الذي يميز التصوف التجاني، ومن بين الأعلام في هذا الصدد، توقف الكتاب أيضا عند مسار الشيخ محمد الحافظ والشيخ سيدي مولود والشيخ عمر الفوتي والشيخ مالك سي وأخيراً الشيخ إبراهيم انياس، وهذا موضوع الفصل الأول من الكتاب، والذي توقف أيضا عند معالم الإرث التجاني في محور الرباط ــ داكار، عبر استعراض أهم المحددات التي أفضت إلى ظهوره، بما أفضى أيضا إلى ظهور ما اصطلح عليه المؤلف بـ”قوة دينية ناعمة للزاوية التجانية”، موازاة مع التحديات التي تواجهه، وقد استعرض الكتاب بعض المقترحات في سياق تأهيل التدبير المغربي السنغالي المشترك للإرث التجاني.
من الأسباب أيضا، المساهمة في تسليط الضوء على أغلب وأهم الأعمال البحثية التي اشتغلت على الموضوع، حيث يقدم الكتاب للقارئ قراءة بانورامية حول الموضوع، وهذا موضوع الفصل الثاني منه من خلال التوقف عند معالم هذا الاشتغال في المنطقة المغاربية وإفريقيا، وخاصة في المغرب والجزائر والسنغال مقابل وقفة موازية تهم معالم الاشتغال نفسه في الساحة الفرنسية والإسبانية والإيطالية والألمانية والأمريكية.
وأخيرا، هناك سبب لا يقل وجاهة، ويهم تدبير الإرث الصوفي التجاني في المنطقة، بما تطلب مثلا عقد مقارنة بين طبيعة هذا التدبير في كل من المغرب والجزائر والتوقف بالتالي عند الفوارق الصريحة بين النموذجين، والحديث هنا بالتحديد عن الفوارق الدينية والسياسية والثقافية التي نعانيها في هذا التفاعل، وخاصة الفوارق في التعامل مع التصوف بين الأمس واليوم في البلدين، والتي كانت في مقدمة الأسباب التي تقف وراء التباين الكبير في تفاعل البلدين، فمن جهة، اشتغل الكتاب على القلاقل الجزائرية التي ساهمت في التأثير السلبي على التصوف التجاني هناك، من قبيل تبعات السياسات الجزائرية بخصوص القطيعة مع العمل الصوفي في حقبة ماضية، سواء من طرف مؤسسات دينية أو من قبل فاعلين سياسيين في مرحلة ما بعد الاستقلال أو مع ما صدر عن المؤسسة العسكرية، وفي الحالات الثلاث كان التصوف في الجزائر ومنه التصوف التجاني، عرضة للتضييق والحاصر والتهميش.
نعاين وجها مغايرا في التدبير المغربي، والذي إضافة إلى احتضانه مرقد مؤسس الزاوية في العاصمة العلمية فاس، نجد مجموعة من العوامل أو المحددات التاريخية والدينية والعلمية والسياسية التي تفسر ولاء أتباع العمل الصوفي التجاني في المنطقة لمحور الرباط داكار، ومن تلك المحددات وجود مؤسسة إمارة المؤمنين، الحضور الوازن لرموز علمية مغربية ساهمت في التأصيل العلمي للعمل الصوفي التجاني، تميز المجال الديني الثقافي المغربي بالحضور الكمي والنوعي للتصوف منذ قرون مضت، إلى درجة أن المغرب يُلقب من طرف الباحثين داخل وخارج المنطقة بأنه بلد الأولياء، ضمن محددات أخرى.