مدونة الأسرة الجديدة تُشعل الجدل في المغرب.. هل أصبح الزواج والطلاق مادة للسخرية؟

الوطن24/ بقلم: عبد الهادي العسلة.
في زمن أصبحت فيه شبكات التواصل الاجتماعي نافذة لكل من يريد التعبير عن رأيه، اشتعلت المنصات الرقمية في المغرب، خاصة “فايسبوك”، بنقاشات حادة وساخرة حول التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة. لكن ما أثار الاستغراب، بل والاستياء، هو تحويل هذه القضية الحساسة إلى مادة للسخرية، حيث يتبارى البعض في إنتاج فيديوهات تستخف بالزواج، الطلاق، ودور الرجل والمرأة في بناء الأسرة.
هذه الظاهرة ليست مجرد ردود أفعال عابرة، بل تكشف عن أزمة أعمق تتعلق بطريقة تعاطينا مع مواضيع مصيرية تمس قيم المجتمع المغربي. البعض يتساءل: هل أصبحنا نسخر من شريعتنا وقيمنا التي لطالما شكلت أساس تماسكنا الاجتماعي؟ أم أن هذا التحول يعبر عن فجوة ثقافية بين الأجيال واختلاف في فهم قضايا الأسرة؟
التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة جاءت استجابة لدعوات تطوير النصوص القانونية بما يواكب تحديات العصر، لكن الجدل الذي اندلع كشف عن وجه آخر للمشكلة. ففي حين أن الشريعة الإسلامية تضع قواعد واضحة لتحقيق العدالة بين أفراد الأسرة، يبدو أن البعض يرى في هذه النقاشات فرصة للاستهزاء بالمنظومة الدينية والاجتماعية، دون إدراك خطورة هذه التصرفات.
المثير في الأمر أن هذا الجدل لم يبق محصورًا في العالم الافتراضي، بل امتد ليصبح حديث الشارع المغربي، حيث انقسمت الآراء بين مدافعين عن التعديلات باعتبارها ضرورة مجتمعية، ورافضين يرون أنها مساس بالثوابت الإسلامية. وفي خضم هذه العاصفة، يطرح سؤال ملحّ: كيف نحمي قيمنا الأسرية في زمن أصبحت فيه قضاياها موضوعًا للتنمر والاستهزاء؟
بينما يراقب العالم العربي هذه الظاهرة باهتمام، يبدو أن المغرب أمام اختبار حقيقي للتوازن بين تحديث القوانين واحترام القيم الإسلامية. ومع تصاعد النقاش، تظل الحقيقة الثابتة أن الأسرة هي ركيزة المجتمع، وأن العبث بها لن يؤدي إلا إلى زعزعة استقراره.
هل نحن على أعتاب مرحلة جديدة من التعامل مع قضايا الأسرة؟ أم أن ما نراه الآن مجرد زوبعة عابرة في عالم يسعى فيه الجميع إلى لفت الانتباه حتى على حساب القيم؟ الأيام القادمة ستكشف الكثير.