مشروع قانون المسطرة الجنائية والخلاف حول تقييد نشاط جمعيات حماية المال العام في المغرب.

أثار مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي قدمه عبد اللطيف وهبي، وزير العدل المغربي، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والمدنية، حيث يتضمن قيودًا على دور جمعيات المجتمع المدني والحقوقية في رفع دعاوى قضائية ضد المسؤولين المنتخبين المتهمين بالفساد والتلاعب بالمال العام. هذا القانون، الذي كان محل نقاش طويل في البرلمان بعد مراجعته من قبل وزارة الأمانة العامة للحكومة، يعيد النظر في كيفية مكافحة الفساد في المغرب ويضع قيودًا جديدة على الجمعيات التي كانت تُعتبر ركيزة أساسية في محاربة الفساد المالي.

المادة 3 تثير الجدل في المغرب
تنص المادة 3 من مشروع القانون على أن التحقيق في الجرائم المتعلقة بالمال العام، أو تحريك الدعوى العمومية بشأنها، لا يمكن أن يتم إلا بناءً على طلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، مع ضرورة أن تكون الإحالة مصحوبة بتقارير من مؤسسات رسمية مثل المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشيات العامة للمالية والإدارة الترابية. إضافة إلى ذلك، تمنع المادة الجمعيات من تقديم شكاوى مباشرة، مما يضع قيودًا على دورها في مكافحة الفساد.

في المقابل، يسمح القانون للجمعيات المعترف بها والتي حصلت على إذن من وزارة العدل، بالتقاضي فقط إذا كانت قد تأسست بصفة قانونية منذ أربع سنوات قبل وقوع الفعل الجرمي.

المعارضة والانتقادات في المغرب
واجه مشروع القانون انتقادات شديدة من قبل العديد من الجمعيات الحقوقية والمدنية، التي اعتبرت أن هذه التعديلات تمثل تقييدًا لحقوقها في محاربة الفساد وتعزيز الشفافية. وأكد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، محمد بشير الراشيدي، أن النص يتعارض مع التزامات المغرب الدولية، حيث يُفترض أن تكون الجمعيات جزءاً من الجهود الرامية إلى مكافحة الفساد وحماية المال العام.

من جهته، دافع عبد اللطيف وهبي عن مشروع القانون، واصفًا بعض الجمعيات بأنها تمارس الابتزاز السياسي وتستغل النشاط الجمعوي لتحقيق أهداف شخصية أو سياسية. وأوضح أن الهدف من هذا القانون هو تنظيم العمل الجمعوي وضمان عدم استغلاله لتحقيق مصالح خاصة.

تداعيات القرار على مكافحة الفساد في المغرب
بينما يرى بعض المسؤولين أن القانون الجديد سيُسهم في تنظيم مكافحة الفساد وضمان نزاهة الإجراءات، فإن المعارضين يعتقدون أن ذلك قد يُضعف الجهود المدنية في محاربة الفساد. وتُطرح تساؤلات حول تأثير هذا التعديل على فعالية المجتمع المدني في تعزيز الشفافية والمساءلة، خاصة في ظل تزايد حالات الفساد التي تواجهها المؤسسات المغربية.

هذا الجدل يضع المغرب أمام تحدٍ حقيقي في تحقيق توازن بين تعزيز الآليات الرسمية لمكافحة الفساد وحماية حرية المجتمع المدني في القيام بدوره الرقابي.