هل يستحق وليد الركراكي الاستمرار على رأس المنتخب المغربي؟ قراءة تحليلية في النجاحات والانتقادات.

الوطن24/ بقلم: ياسين الشاهدي.
يعيش الشارع الرياضي المغربي على وقع نقاش محتدم حول مستقبل وليد الركراكي كمدرب للمنتخب الوطني، بين من يرى أنه الخيار الأنسب لقيادة “أسود الأطلس” خلال المرحلة المقبلة، ومن يطالب برحيله رغم الإنجازات التي حققها. فهل الانتقادات الموجهة إليه مبررة، أم أنها مجرد ضغط طبيعي يرافق أي مدرب ناجح؟
نجاحات لا يمكن إنكارها
لا يمكن لأحد أن يجادل في كون وليد الركراكي أحد أفضل المدربين الذين أنجبتهم الكرة المغربية خلال العقدين الأخيرين. فبعد نجاحاته المحلية مع الفتح الرباطي والوداد البيضاوي، حيث توّج بألقاب وطنية وقارية، تمكن من تحقيق إنجاز تاريخي مع المنتخب المغربي بوصوله إلى نصف نهائي كأس العالم 2022، في سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ الكرة الإفريقية والعربية.
هذا الإنجاز وحده كان كفيلاً بجعل الركراكي يحظى باحترام واسع في الأوساط الكروية العالمية، حيث نال إشادة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم (IFFHS)، فضلاً عن كبرى الصحف الرياضية الأوروبية. ومع ذلك، يبدو أن هذه النجاحات لم تحصّنه تماماً من الانتقادات، خاصة بعد الأداء المتذبذب للمنتخب في بعض المباريات الأخيرة.
الانتقادات الموجهة للركراكي
رغم الشعبية الكبيرة التي يحظى بها، يواجه وليد الركراكي موجة من الانتقادات لأسباب متعددة، أبرزها:
- الاعتماد المفرط على اللاعبين مزدوجي الجنسية
من بين أكثر القضايا إثارةً للجدل في عهد الركراكي هو اعتماده شبه الكلي على اللاعبين المحترفين في أوروبا، مما دفع بعض الأصوات إلى المطالبة بإعطاء فرص أكبر للمواهب المحلية التي تنشط في البطولة الوطنية. يرى المنتقدون أن هذا التوجه يضعف فرص تطوير الكرة المحلية، ويقلل من حظوظ اللاعبين المحليين في الاحتكاك بالمستويات العالية. - التذبذب في الأداء والنتائج
صحيح أن المنتخب المغربي تأهل بسهولة إلى كأس إفريقيا 2025، لكن مستواه في بعض المباريات الودية والتصفيات لم يكن مقنعًا. فقد ظهر المنتخب أحيانًا بمستوى غير متوازن، ما فتح الباب أمام التساؤلات حول مدى تطور الفريق تكتيكيًا منذ مونديال قطر. - إقصاء بعض اللاعبين المحليين
هناك من يرى أن الركراكي لم يمنح الفرصة الكافية لبعض اللاعبين المحليين المميزين، مقارنة بالمحترفين في الدوريات الأوروبية. ورغم أن المدرب أكد في أكثر من مناسبة أنه لا يعترف إلا بجودة الأداء، إلا أن بعض الأسماء التي تألقت محليًا لم تجد طريقها إلى اللائحة النهائية للمنتخب. - أسلوب اللعب والتكتيك
رغم نجاح أسلوب الركراكي في كأس العالم، والذي كان يعتمد على التماسك الدفاعي والمرتدات السريعة، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أن المنتخب بحاجة إلى مزيد من الجرأة الهجومية، خاصة عند مواجهة المنتخبات الإفريقية التي تتقن اللعب البدني وتتميز بالاندفاع الهجومي.
ما الحل؟ استمرار الاستقرار أم البحث عن بديل؟
الاختيار بين الإبقاء على الركراكي أو تغييره ليس مسألة سهلة. فالتاريخ يُثبت أن الاستقرار الفني غالبًا ما يكون مفتاح النجاح على المدى الطويل. كما أن تغيير المدرب قبل بطولة مهمة مثل كأس إفريقيا 2025 قد يكون مغامرة غير محسوبة العواقب.
لكن في المقابل، على الركراكي أن يُراجع بعض اختياراته التكتيكية، وأن يمنح فرصًا أكبر للاعبين المحليين، خصوصًا إذا كانوا قادرين على تقديم الإضافة. كما أن عليه إيجاد حلول لتحسين الفعالية الهجومية، حتى لا يتحول المنتخب إلى فريق يعتمد فقط على الدفاع والمرتدات.
خـــــاتــمــة
نستخلص مما سبق أن وليد الركراكي يبقى واحدًا من أفضل المدربين في تاريخ الكرة المغربية، لكنه ليس بمنأى عن النقد، وهذا أمر طبيعي في عالم كرة القدم. ما يحتاجه الآن هو إيجاد التوازن بين الاستفادة من خبرات المحترفين في أوروبا، وبين تطوير المواهب المحلية، حتى يحافظ المنتخب المغربي على تنافسيته، ويواصل تحقيق الإنجازات التي تليق بمكانته كأحد كبار القارة الإفريقية.