وزارة الداخلية المغربية تلزم الجمعيات بالتصريح بفروعها: خطوة تنظيمية أم عقبة أمام الأنشطة التخييمية؟

الوطن24/ الرباط
أصدرت وزارة الداخلية المغربية مؤخراً مذكرة توجيهية تلزم الجمعيات الوطنية بالتصريح بفروعها لدى السلطات المحلية في مقر الجمعية الأصلية كشرط أساسي للحصول على وصل الإيداع. هذه الخطوة، التي تهدف إلى تعزيز الشفافية وضمان الالتزام بالقوانين المنظمة للعمل الجمعوي في المملكة، تثير تساؤلات حول تأثيراتها على الجمعيات النشيطة في مجالات حيوية، خاصة في الأنشطة التخييمية التي تعتمد على توزيع الحصص بناءً على عدد الفروع.
هدف المذكرة: تعزيز الشفافية وتنظيم العمل الجمعوي في المغرب
من خلال هذه المذكرة، تسعى وزارة الداخلية المغربية إلى تنظيم نشاط الجمعيات في المملكة وتفادي فوضى انتشار الفروع غير القانونية أو التي لا تتماشى مع الأهداف المحددة في القانون الأساسي للجمعية. تنص المذكرة على ضرورة التصريح بكل فرع لدى السلطات المحلية المعنية في مقر الجمعية الأصلي، ما يضمن التنسيق الكامل بين مختلف الجهات الإدارية والتأكد من تطابق الأنشطة مع الأطر القانونية.
وتؤكد الوزارة أن هذا الإجراء يأتي في إطار حماية المجتمع المدني من الممارسات غير المنظمة، وضمان تسيير الجمعيات وفق الضوابط القانونية، مما يساهم في رفع مستوى الشفافية والمساءلة في العمل الجمعوي.
التحديات التي تثيرها المذكرة أمام الأنشطة التخييمية في المغرب
في الوقت الذي يرحب فيه البعض بهذه الخطوة التنظيمية، يرى آخرون أنها قد تشكل عقبة أمام الأنشطة التخييمية التي تنظمها الجمعيات الوطنية. فالعديد من الجمعيات التي تعمل في هذا المجال تعتمد على فروعها لتوزيع الحصص الخاصة بالتخييم، والتي يتم تخصيصها وفقاً لعدد الفروع القائمة.
وتتساءل هذه الجمعيات: كيف سيكون الوضع إذا استغرق التصريح بفروع جديدة عدة أشهر؟ في ظل المدة الطويلة التي قد تتراوح من 3 إلى 6 أشهر لإتمام هذه الإجراءات، سيكون من الصعب على الجمعيات تنظيم الأنشطة التخييمية في الوقت المحدد. هذا التأخير قد يؤثر بشكل كبير على قدرتها في تقديم خدمات التخييم للأطفال والشباب، التي تعتبر جزءاً من الأنشطة الاجتماعية التي يتوقعها الكثيرون في فصل الصيف.
ماذا عن الفروع غير القانونية؟
في السنوات الماضية، كانت وزارة الشباب والرياضة المغربية تقوم بتسجيل رخص القبول باسم المكتب المركزي للجمعيات في حالة انتهاء صلاحية فروعها أو عدم توافقها مع القانون. لكن مع المذكرة الجديدة، يطرح تساؤل حول كيفية تعامل وزارة الداخلية مع الفروع غير القانونية أو غير المصرح بها. هل سيتم حرمان الجمعيات من حصصها التخييمية إذا تبين أن بعض فروعها لم تلتزم بالتنظيمات الجديدة؟
يبدو أن الوزارة تتبنى سياسة صارمة تجاه الفروع غير القانونية، حيث يشدد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت على ضرورة التنسيق بين السلطات المحلية على مستوى الأقاليم والعمالات للتحقق من إتمام إجراءات التصريح بالفروع. هذا يعني أن الجمعيات ستكون ملزمة بتوضيح كل تفاصيل فروعها وعمليات تأسيسها وفقاً للقوانين المحلية.
دور التنسيق بين الجهات الحكومية في المغرب
ومن أجل تيسير تطبيق المذكرة، أوصى الوزير لفتيت الولاة والعمال بضرورة التنسيق بين السلطات المحلية التي تستقبل طلبات التصريح بفروع الجمعيات، والسلطات المحلية المعنية بمقر الجمعية الأصلي. هذه الاستراتيجية تضمن التنسيق الكامل بين مختلف الجهات المعنية، لكنها قد تتطلب مزيداً من الجهد الإداري وتنسيقاً دقيقاً قد يكون مرهقاً للجمعيات، خاصة في ظل التحديات اللوجستية التي قد تواجهها في بعض المناطق.
هل هناك حلول وسط؟
من أجل تحقيق التوازن بين التنظيم القانوني المرن والأنشطة التخييمية الحيوية، يبدو أنه من الضروري أن تعمل وزارة الداخلية ووزارة الشباب والرياضة سوياً لتطوير آليات تنفيذية تضمن سلاسة الإجراءات مع تقليل تأثير التأخير على الجمعيات. على سبيل المثال، قد يتم السماح للجمعيات التي تعمل في المجالات الاجتماعية مثل التخييم بتقديم طلبات استثنائية أو تسريع إجراءات التصريح بالفروع التي تلتزم بالقانون الأساسي للجمعية.
خلاصة: بين التنظيم والتحديات في المغرب
إن إصدار هذه المذكرة يعد خطوة تنظيمية تهدف إلى تعزيز الشفافية وضبط عمل الجمعيات في المغرب. ورغم أن هذه الخطوة قد تساهم في تحسين جودة العمل الجمعوي، إلا أن الجمعيات النشيطة في مجال التخييم قد تجد نفسها أمام تحديات كبيرة قد تؤثر على قدرتها في تنظيم أنشطة تخييمية في الوقت المناسب. إذا تم تطبيق المذكرة بشكل صارم دون مراعاة خصوصيات الجمعيات العاملة في هذا القطاع، فقد تؤدي إلى تعطيل بعض الأنشطة الاجتماعية المهمة.
على الرغم من هذه التحديات، يبقى الأمل في أن يتم إيجاد حلول مرنة تسمح للجمعيات بمواصلة أنشطتها التخييمية دون التأثير الكبير على التزامها بالقوانين الجديدة.