وزير التعليم في المغرب “يجمد” مهامه بتفويض 90% من صلاحياته إلى كبار المسؤولين.

الوطن24/ خاص
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في المغرب، أصدر وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، سعد برادة، سلسلة قرارات قضت بتفويض أغلب صلاحياته إلى كبار المسؤولين والموظفين داخل الوزارة. هذا الإجراء، الذي جاء بعد أيام قليلة من تسلُّم الوزير لمهامه، يثير تساؤلات حول مدى قدرته على إدارة قطاع حيوي ومتشعب كالتعليم والرياضة في المغرب.
نشرت الجريدة الرسمية عدد 7358، الصادرة بتاريخ 5 دجنبر الجاري، 16 قراراً موقعاً من الوزير، تضمّنت تفويضات شملت حوالي 90% من صلاحياته. كان الكاتب العام للوزارة، يونس السحيمي، أبرز المستفيدين من هذه التفويضات، إذ مُنح صلاحيات واسعة تشمل الإمضاء نيابة عن الوزير على معظم الوثائق الإدارية والمالية.
صلاحيات موسعة للكاتب العام
من بين القرارات اللافتة، تفويض صلاحيات الكاتب العام للإشراف على تعيين وإعفاء المسؤولين في الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية، وتوقيع الأوامر بالصرف وتحويل الاعتمادات، فضلاً عن التصرفات الإدارية المتعلقة بتسيير ميزانيتي التسيير والاستثمار للوزارة. كما شملت التفويضات إدارة المهام الخارجية للموظفين داخل وخارج المغرب، ما يجعل الكاتب العام الشخصية المحورية في تدبير الشؤون اليومية للوزارة.
تفويض أوسع في الأكاديميات وقطاع الرياضة
إلى جانب الكاتب العام، استفاد مديرو الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين من صلاحيات تخوّلهم المصادقة على صفقات الأشغال والخدمات ضمن حدود الاعتمادات المفوضة إليهم. كما مُنح عبد الرزاق العكاري، مدير الرياضة، صلاحية الإمضاء على الوثائق المتعلقة بقطاع الرياضة، بما في ذلك مهام الموظفين داخل المغرب، في خطوة اعتبرها البعض تعزيزاً للاستقلالية الإدارية في الوزارة.
انتقادات واسعة للقرار في المغرب
أثار حجم ونطاق هذه التفويضات انتقادات واسعة في الأوساط الإدارية والسياسية بالمغرب، حيث اعتبر متابعون أن الوزير تخلى فعلياً عن مهامه الرئيسية، محولاً دوره إلى إشرافي شكلي. وبينما يرى مقربون من سعد برادة أن هذه الخطوة تهدف إلى تسريع العمل الإداري وتجنب الصراعات في قطاع مليء بالتعقيدات، يرى آخرون أنها محاولة لتفادي المسؤولية في إدارة ملفات حساسة ومتشعبة.
انعكاسات القرار على قطاع التعليم في المغرب
تُطرح تساؤلات جدية حول تأثير هذه القرارات على قطاع التعليم والرياضة في المغرب، خاصة أن القطاع يواجه تحديات كبرى، أبرزها تحسين جودة التعليم وتقليص الفوارق الجهوية. وبينما قد تُسهم هذه التفويضات في تسريع بعض الإجراءات الإدارية، إلا أنها قد تؤدي أيضاً إلى تركيز مفرط للسلطة بيد عدد محدود من المسؤولين، مما يهدد بضعف الرقابة وغياب التنسيق.
تفويض بنسبة 90% يثير تساؤلات جوهرية
هذا التفويض الذي بلغ نسبة عالية من الانسحاب 90% يثير سؤالًا جوهريًا عن مدى استمرار الوزير في مهامه. ماذا بقي له ليفعله؟ وكيف يمكنه تدبير قطاع التعليم بوزير يتخلى عن مهامه بهذه الطريقة؟ كما يطرح تساؤلاً حول رأي رئيس الحكومة في هذا التفويت الذي يشكل سابقة في تاريخ الوزارة. هل تصح الانتقادات التي رافقت تعيين الوزير على رأس القطاع، خصوصًا أنه لا يمتلك صلة مباشرة بالتربية والتعليم، إذ جاء من عالم المال والأعمال؟
يبقى السؤال الأبرز: هل يُمكن لهذه القرارات أن تُسهم في إصلاح فعلي يعزز قطاع التعليم والرياضة في المغرب، أم أنها خطوة تزيد من تعقيد المشهد الإداري وتؤخر الإصلاح المنتظر؟