العدالة الانتقائية في المغرب: حين يُصبح القانون سيفاً على الضعفاء ودرعاً للأقوياء.

الوطن24/ خاص
في الوقت الذي ترفع فيه الحكومة المغربية شعارات الشفافية ومحاربة الفساد، وتنتقد بشدة تقارير هيئة النزاهة التي تكشف بالأرقام والحقائق مستويات الانحراف عن القوانين، نجد على أرض الواقع تناقضاً صارخاً بين الأقوال والأفعال.
ملفات الفساد التي تتصدر المشهد في المغرب، وخصوصاً في مناطق مثل الغرب شراردة بني حسن، أصبحت مرآة تعكس عمق الاختلالات في تطبيق العدالة. كيف يمكن أن نفهم أن هناك رؤساء جماعات محليين سُحبت جوازات سفرهم ومُنعوا من مغادرة التراب الوطني في بداية المتابعة القضائية، بينما آخرون، متابعون بجنايات خطيرة ومحكوم عليهم ابتدائياً واستئنافياً بعقوبات ثقيلة، لا يزالون يتمتعون بالحرية الكاملة، بل ويُسمح لهم بممارسة مهامهم الانتخابية؟
هذا المشهد لا يعكس فقط ازدواجية المعايير في تطبيق القانون بالمغرب، بل يُظهر أيضاً كيف يتحول القضاء أحياناً إلى أداة تُستخدم بشكل انتقائي لضرب البعض وحماية آخرين. ما يزيد من خطورة هذا الوضع هو أن هذه الاختلالات تحدث في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة ثقة بين المواطن ومؤسساته.
الفساد في الغرب شراردة بني حسن: عنوان للاختلالات
منطقة الغرب شراردة بني حسن ليست استثناءً من هذا الواقع المؤلم. هذه المنطقة شهدت عدة قضايا تتعلق بسوء التدبير والفساد، حيث تم التعامل مع بعض المسؤولين بحزم، في حين يبدو أن آخرين يتمتعون بحصانة غير معلنة، تمكنهم من الهروب من المحاسبة.
إن السماح لشخص محكوم بعشر سنوات سجناً بتقلد المهام الانتخابية والسفر بحرية، في وقت يقبع فيه مواطنون عاديون في السجون بسبب قضايا أقل خطورة بكثير، هو دليل قاطع على وجود “مواطنين درجة أولى” و”آخرين درجة ثانية”. هذا الوضع يُضعف ليس فقط ثقة المواطن المغربي في العدالة، بل يُهدد شرعية المؤسسات نفسها.
غياب المحاسبة وصمت المؤسسات
الأكثر إيلاماً في هذا السياق هو صمت الجهات المسؤولة والجمعيات الحقوقية التي تُفترض فيها الوقوف إلى جانب مبادئ العدالة في المغرب. في منطقة الغرب شراردة بني حسن، يبدو أن هذه الجمعيات تغض الطرف عن قضايا الفساد والاختلالات، وكأنها ترفع شعار “اعمل نفسك ميت”.
الرسالة واضحة: الشعب المغربي يراقب
إن مثل هذه القضايا لا تمر مرور الكرام على المواطن المغربي الذي أصبح أكثر وعياً بحقه في المساواة والعدالة. وحينما يشعر الناس بأن القانون يُستخدم كسيف مسلط على رقاب الضعفاء بينما يتحول إلى درع يحمي الأقوياء، فإن ذلك يخلق شرخاً عميقاً في العلاقة بين الشعب والدولة.
إن الدولة المغربية مطالبة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بفتح تحقيق شفاف حول مثل هذه القضايا في مناطق مثل الغرب شراردة بني حسن واتخاذ خطوات عملية لاسترجاع ثقة المواطن. فمحاربة الفساد ليست شعاراً للاستهلاك الإعلامي، بل معركة حقيقية تبدأ بتطبيق القانون على الجميع دون تمييز. إذا لم يحدث ذلك، فإن الحديث عن النزاهة والمساواة سيبقى مجرد أوهام تسقط أمام أول اختبار.